responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 171

الحادث في المقدمتين و هو الرابط بينهما فإذا ارتبطا سمي ذلك الارتباط وجه الدليل و سمي اجتماعهما دليلا و برهانا فينتج بالضرورة أن حدوث العالم له سبب فالعلة الحدوث و الحكم السبب فالحكم أعم من العلة فإنه يشترط في هذا العلم أن يكون الحكم أعم من العلة أو مساويا لها و إن لم يكن كذلك فإنه لا يصدق هذا في الأمور العقلية و أما مأخذها في الشرعيات فإذا أردت أن تعلم مثلا أن النبيذ حرام بهذه الطريقة فتقول كل مسكر حرام و النبيذ مسكر فهو حرام و تعتبر في ذلك ما اعتبرت في الأمور العقلية كما مثلت لك فالحكم التحريم و العلة الإسكار فالحكم أعم من العلة الموجبة للتحريم فإن التحريم قد يكون له سبب آخر غير السكر في أمر آخر كالتحريم في الغصب و السرقة و الجناية و كل ذلك علل في وجود التحريم في المحرم فلهذا الوجه المخصوص صدق فقد بان لك بالتقريب ميزان المعاني و أن النتائج إنما ظهرت بالتوالج الذي في المقدمتين اللذين هما كالأبوين في الحس و أن المقدمتين مركبة من ثلاثة أو ما هو في حكم الثلاثة فإنه قد يكون للجملة معنى الواحد في الإضافة و الشرط فلم تظهر نتيجة إلا من الفردية إذ لو كان الشفع و لا يصحبه الواحد صحبة خاصة ما صح أن يوجد عن الشفع شيء أبدا فبطل الشريك في وجود العالم و ثبت الفعل للواحد و أنه بوجوده ظهرت الموجودات عن الموجودات فتبين لك أن أفعال العباد و إن ظهرت منهم أنه لو لا اللّٰه ما ظهر لهم فعل أصلا فجمع هذا الميزان بين إضافة الأعمال إلى العباد بالصورة و إيجاد تلك الأفعال لله تعالى و هو قوله وَ اللّٰهُ خَلَقَكُمْ وَ مٰا تَعْمَلُونَ أي و خلق ما تعملون فنسب العمل إليهم و إيجاده لله تعالى و الخلق قد يكون بمعنى الإيجاد و يكون بمعنى التقدير كما أنه قد يكون بمعنى الفعل مثل قوله تعالى مٰا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمٰاوٰاتِ و يكون بمعنى المخلوق مثل قوله هٰذٰا خَلْقُ اللّٰهِ

[العشق في العالم الإلهي]

و أما هذا التوالج في العلم الإلهي و التوالد فاعلم إن ذات الحق تعالى لم يظهر عنها شيء أصلا من كونها ذاتا غير منسوب إليها أمر آخر و هو أن ينسب إلى هذه الذات أنها قادرة على الإيجاد عند أهل السنة أهل الحق أو ينسب إليها كونها علة و ليس هذا مذهب أهل الحق و لا يصح و هذا مما لا يحتاج إليه و لكن كان الغرض في سياقه من أجل مخالفي أهل الحق لنقرر عنده أنه ما نسب وجود العالم لهذه الذات من كونها ذاتا و إنما نسبوا العالم لها بالوجود من كونها علة فلهذا أوردنا مقالتهم و مع هذه النسبة و هي كونه قادرا لا بد من أمر ثالث و هو إرادة الإيجاد لهذه العين المقصودة بأن توجد و لا بد من التوجه بالقصد إلى إيجادها بالقدرة عقلا و بالقول شرعا بأن تتكون فما وجد الخلق إلا عن الفردية لا عن الأحدية لأن أحديته لا تقبل الثاني لأنها ليست أحدية عدد فكان ظهور العالم في العلم الإلهي عن ثلاث حقائق معقولة فسرى ذلك في توالد الكون بعضه عن بعض لكون الأصل على هذه الصورة و يكفي هذا القدر من هذا الباب فقد حصل المقصود بهذا التنبيه فإن هذا الفن في مثل طريق أهل اللّٰه لا يحتمل أكثر من هذا فإنه ليس من علوم الفكر هذا الكتاب و إنما هو من علوم التلقي و التدلي فلا يحتاج فيه إلى ميزان آخر غير هذا و إن كان له به ارتباط فإنه لا يخلو عنه جملة واحدة و لكن بعد تصحيح المقدمات من العلم بمفرداتها بالحد الذي لا يمنع و المقدمات بالبرهان الذي لا يدفع بقول اللّٰه في هذا الباب لَوْ كٰانَ فِيهِمٰا آلِهَةٌ إِلاَّ اللّٰهُ لَفَسَدَتٰا فهذا مما كنا بصدده في هذا الباب و هذه الآية و أمثالها أحوجتنا إلى ذكر هذا الفن و من باب الكشف لم يشتغل أهل اللّٰه بهذا الفن من العلوم لتضييع الوقت و عمر الإنسان عزيز ينبغي أن لا يقطعه الإنسان إلا في مجالسة ربه و الحديث معه على ما شرعه له وَ اللّٰهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَ هُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ انتهى الجزء الخامس عشر و الحمد لله >بسم اللّٰه الرحمن الرحيم<

«الباب الثاني و العشرون في معرفة علم منزل المنازل و ترتيب جميع العلوم الكونية»



عجبا لأقوال النفوس السامية إن المنازل في المنازل سارية
كيف العروج من الحضيض إلى العلى إلا بقهر الحضرة المتعالية
فصناعة التحليل في معراجها نحو اللطائف و الأمور السامية
و صناعة التركيب عند رجوعها بسنا الوجود إلى ظلام الهاوية

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 171
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست