responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 153

جسم آدم من طين و هو مزج الماء بالتراب ثم نفخ فيه نفسا و روحا و لقد ورد في النبوة الأولى في بعض الكتب المنزلة على نبي في بنى إسرائيل ما أذكر نصه الآن فإن الحاجة مست إلى ذكره فإن أصدق الأخبار ما روى عن اللّٰه تعالى فروينا عن مسلمة بن وضاح مسندا إليه و كان من أهل قرطبة فقال

قال اللّٰه في بعض ما أنزله على أنبياء بنى إسرائيل إني خلقت يعني آدم من تراب و ماء و نفخت فيه نفسا و روحا فسويت جسده من قبل التراب و رطوبته من الماء و حرارته من النفس و برودته من الروح قال ثم جعلت في الجسد بعد هذا أربعة أنواع أخر لا تقوم واحدة منهن إلا بالأخرى و هي المرتان و الدم و البلغم ثم أسكنت بعضهن في بعض فجعلت مسكن اليبوسة في المرة السوداء و مسكن الحرارة في المرة الصفراء و مسكن الرطوبة في الدم و مسكن البرودة في البلغم ثم قال جل ثناؤه فأي جسد اعتدلت فيه هذه الأخلاط كملت صحته و اعتدلت بنيته فإن زادت واحدة منهن على الأخرى و قهرتهن دخل السقم على الجسد بقدر ما زادت و إذا كانت ناقصة ضعفت عن مقاومتهن فدخل السقم بغلبتهن إياها و ضعفها عن مقاومتهن فعلم الطب أن يزيد في الناقص أو ينقص من الزائد طلب الاعتدال في كلام طويل عن اللّٰه تعالى ذكرناه في الموعظة الحسنة

[مداوى الكلوم و الآثار العلوية]

فكان هذا الإمام من أعلم الناس بهذا النشء الطبيعي و ما للعالم العلوي فيه من الآثار المودعة في أنوار الكواكب و سباحتها و هو الأمر الذي أوحى اللّٰه في السموات و في اقتراناتها و هبوطها و صعودها و أوجها و حضيضها قال تعالى وَ أَوْحىٰ فِي كُلِّ سَمٰاءٍ أَمْرَهٰا و قال في الأرض وَ قَدَّرَ فِيهٰا أَقْوٰاتَهٰا و كان لهذا الشخص فيما ذكرناه مجال رحب و باع متسع و قدم راسخة لكن ما تعدت قوته في النظر الفلك السابع من باب الذوق و الحال لكن حصل له ما في الفلك المكوكب و الأطلس بالكشف و الاطلاع و كان الغالب عليه قلب الأعيان في زعمه و الأعيان لا تنقلب عندنا جملة واحدة فكان هذا الشخص لا يبرح يسبح بروحانيته من حيث رصده و فكره مع المقابل في درجه و دقائقه و كان عنده من أسرار إحياء الموات عجائب و كان مما خصه اللّٰه به أنه ما حل بموضع قد أجدب إلا أوجد اللّٰه فيه الخصب و البركة كما

روينا عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و سلم في خضر رضي اللّٰه عنه و قد سئل عن اسمه بخضر فقال صلى اللّٰه عليه و سلم ما قعد على فروة إلا اهتزت تحته خضراء

[المعرفة الذاتية و علم القوة]

و كان هذا الإمام له تلميذ كبير في المعرفة الذاتية و علم القوة و كان يتلطف بأصحابه في التنبيه عليه و يستر عن عامة أصحابه ذلك خوفا عليه منهم و لذلك سمي مداوي الكلوم كما استكتم يعقوب يوسف عليهما السلام حذرا عليه من إخوته و كان يشغل عامة أصحابه بعلم التدبير و مثل ذلك مما يشاكل هذا الفن من تركيب الأرواح في الأجساد و تحليل الأجساد و تأليفها بخلع صورة عنها أو خلع صورة عليها ليقفوا من ذلك على صنعة اللّٰه العليم الحكيم و عن هذا القطب خرج علم العالم و كونه إنسانا كبيرا و إن الإنسان مختصرة في الجرمية مضاهية في المعنى فأخبرني الروح الذي أخذت منه ما أودعته في هذا الكتاب أنه جمع أصحابه يوما في دسكرة و قام فيهم خطيبا و كانت عليه مهابة فقال افهموا عني ما أرمزه لكم في مقامي هذا و فكروا فيه و استخرجوا كنزه و اتساع زمانه في أي عالم هو و إني لكم ناصح و مأكل ما يدري يذاع فإنه لكل علم أهل يختص بهم و ما يتمكن الانفراد و لا يسع الوقت فلا بد أن يكون في الجمع فطر مختلفة و أذهان غير مؤتلفة و المقصود من الجماعة واحد إياه أقصد بكلامي و بيده مفتاح رمزى و لكل مقام مقال و لكل علم رجال و لكل وارد حال فافهموا عني ما أقول و عوا ما تسمعون فبنور النور أقسمت و بروح الحياة و حياة الروح آليت إني عنكم لمنقلب من حيث جئت و راجع إلى الأصل الذي عنه وجدت فقد طال مكثي في هذه الظلمة و ضاق نفسي بترادف هذه الغمة و إني سألت الرحلة عنكم و قد أذن لي في الرحيل فأثبتوا على كلامي فتعقلون ما أقول بعد انقضاء سنين عينها و ذكر عددها فلا تبرحوا حتى آتيكم بعد هذه المدة و إن برحتم فلتسرعوا إلى هذا المجلس الكرة و إن لطف مغناه و غلب على الحرف معناه فالحقيقة الحقيقة و الطريقة الطريقة فقد اشتركت الجنة و الدنيا في اللبن و البناء و إن كانت الواحدة من طين و تبن و الأخرى من عسجد و لجين هذا ما كان من وصيته لبنيه و هذه مسألة عظيمة رمزها و راح فمن عرفها استراح

[لقاء ابن عربي بابن رشد في قرطبة]

و لقد دخلت يوما بقرطبة على قاضيها أبي الوليد بن رشد و كان يرغب في لقائي لما سمع و بلغه ما فتح اللّٰه به علي في خلوتي فكان يظهر التعجب مما سمع فبعثني والدي إليه في حاجة قصدا منه حتى يجتمع بي فإنه كان من أصدقائه و أنا صبي ما بقل

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 153
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست