responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 151

أنبياء الأولياء و تستوي الجماعة كلها في الدعاء إلى اللّٰه على بصيرة كما أمر اللّٰه تعالى نبيه صلى اللّٰه عليه و سلم أن يقول أَدْعُوا إِلَى اللّٰهِ عَلىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَ مَنِ اتَّبَعَنِي و هم أهل هذا المقام فهم في هذه الأمة مثل الأنبياء في بنى إسرائيل على مرتبة تعبد هارون بشريعة موسى عليهما السلام مع كونه نبيا فإن اللّٰه قد شهد بنبوته و صرح بها في القرآن فمثل هؤلاء يحفظون الشريعة الصحيحة التي لا شك فيها على أنفسهم و على هذه الأمة ممن اتبعهم فهم أعلم الناس بالشرع غير أن الفقهاء لا يسلمون لهم ذلك و هؤلاء لا يلزمهم إقامة الدليل على صدقهم بل يجب عليهم الكتم لمقامهم و لا يردون على علماء الرسوم فيما ثبت عندهم مع علمهم بأن ذلك خطأ في نفس الأمر فحكمهم حكم المجتهد الذي ليس له أن يحكم في المسألة بغير ما أداه إليه اجتهاده و أعطاه دليله و ليس له أن يخطئ المخالف له في حكمه فإن الشارع قد قرر ذلك الحكم في حقه فالأدب يقتضي له أن لا يخطئ ما قرره الشارع حكما و دليله و كشفه يحكم عليه باتباع حكم ما ظهر له و شاهده

[حفظة الحكم النبوي و حفظة الحال النبوي]

و قد

ورد الخبر عن النبي صلى اللّٰه عليه و سلم أن علماء هذه الأمة أنبياء بنى إسرائيل يعني المنزلة التي أشرنا إليها فإن أنبياء بنى إسرائيل كانت تحفظ عليهم شرائع رسلهم و تقوم بها فيهم و كذلك علماء هذه الأمة و أئمتها يحفظون عليها أحكام رسولها صلى اللّٰه عليه و سلم كعلماء الصحابة و من نزل عنهم من التابعين و أتباع التابعين كالثوري و ابن عيينة و ابن سيرين و الحسن و مالك و ابن أبي رباح و أبي حنيفة و من نزل عنهم كالشافعي و ابن حنبل و من جرى مجرى هؤلاء إلى هلم جرا في حفظ الأحكام(و طائفة أخرى)من علماء هذه الأمة يحفظون عليها أحوال الرسول صلى اللّٰه عليه و سلم و أسرار علومه كعلي و ابن عباس و سلمان و أبي هريرة و حذيفة و من التابعين كالحسن البصري و مالك بن دينار و بنان الحمال و أيوب السختياني و من نزل عنهم بالزمان كشيبان الراعي و فرج الأسود المعمر و الفضيل بن عياض و ذي النون المصري و من نزل عنهم كالجنيد و التستري و من جرى مجرى هؤلاء من السادة في حفظ الحال النبوي و العلم اللدني و السر الإلهي فأسرار حفظة الحكم موقوفة في الكرسي عند القدمين إذ لم يكن لهم حال نبوي يعطي سرا إلهيا و لا علما لدنيا و أسرار حفاظ الحال النبوي و العلم اللدني من علماء حفاظ الحكم و غيرهم موقوفة عند العرش و العماء و لا موقوفة و منها ما لها مقام و منها ما لا مقام لها و ذلك مقام لها تتميز به فإن ترك العلامة بين أصحاب العلامات علامة محققة غير محكوم عليها بتقييد و هي أسنى العلامات و لا يكون ذلك إلا للمتمكن الكامل في الورث المحمدي

[أقطاب الأمم السابقين]

و أما أقطاب الأمم المكملين في غير هذه الأمة ممن تقدمنا بالزمان فجماعة ذكرت لي أسماؤهم باللسان العربي لما أشهدتهم و رأيتهم في حضرة برزخية و أنا بمدينة قرطبة في مشهد أقدس فكان منهم المفرق و مداوي الكلوم و البكاء و المرتفع و الشفاء و الماحق و العاقب و المنحور و شجر الماء و عنصر الحياة و الشريد و الراجع و الصانع و الطيار و السالم و الخليفة و المقسوم و الحي و الرامي و الواسع و البحر و الملصق و الهادي و المصلح و الباقي فهؤلاء المكملون الذين سموا لنا من آدم ع إلى زمان محمد صلى اللّٰه عليه و سلم

[الروح المحمدي و مظاهره في العالم]

و أما القطب الواحد فهو روح محمد صلى اللّٰه عليه و سلم و هو الممد لجميع الأنبياء و الرسل سلام اللّٰه عليهم أجمعين و الأقطاب من حين النشء الإنساني إلى يوم القيامة

قيل له صلى اللّٰه عليه و سلم متى كنت نبيا فقال صلى اللّٰه عليه و سلم و آدم بين الماء و الطين و كان اسمه مداوي الكلوم فإنه بجراحات الهوى خبير و الرأي و الدنيا و الشيطان و النفس بكل لسان نبوي أو رسالي أو لسان الولاية و كان له نظر إلى موضع ولادة جسمه بمكة و إلى الشام ثم صرف الآن نظره إلى أرض كثيرة الحر و اليبس لا يصل إليها أحد من بنى آدم بجسده إلا أنه قد رآها بعض الناس من مكة في مكانه من غير نقلة زويت له الأرض فرآها و قد أخذنا نحن عنه علوما جمة بما خد مختلفة و لهذا الروح المحمدي مظاهر في العالم أكمل مظهره في قطب الزمان و في الأفراد و في ختم الولاية المحمدي و ختم الولاية العامة الذي هو عيسى ع و هو المعبر عنه بمسكنه و سأذكر فيما بعد هذا الباب إن شاء اللّٰه ما له من كونه مداوي الكلوم من الأسرار و ما انتشر عنه من العلوم ثم ظهر هذا السر بعد ظهور حال مداوي الكلوم في شخص آخر اسمه المستسلم للقضاء و القدر ثم انتقل الحكم منه إلى مظهر الحق ثم انتقل من مظهر الحق إلى الهائج ثم انتقل من الهائج إلى شخص يسمى واضع الحكم و أظنه لقمان و اللّٰه أعلم فإنه كان في زمان داود و ما أنا منه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 151
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست