responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 122

فمذكور في اللسان العربي قال تعالى فَكٰانَتْ هَبٰاءً مُنْبَثًّا كذلك لما رآها علي بن أبي طالب أعني هذه الجوهرة منبثة في جميع الصور الطبيعية كلها و أنها لا تخلو صورة منها إذ لا تكون صورة إلا في هذه الجوهرة سماها هباء و هي مع كل صورة بحقيقتها لا تنقسم و لا تتجزى و لا تتصف بالنقص بل هي كالبياض الموجود في كل أبيض بذاته و حقيقته و لا يقال قد نقص من البياض قدر ما حصل منه في هذا الأبيض فهذا مثل حال هذه الجوهرة

[المراتب الأربعة بين الروح و الهباء]

و عين اللّٰه سبحانه بين هذا الروح الموصوف بالصفتين و بين الهباء أربع مراتب و جعل كل مرتبة منزلا لأربعة أملاك و جعل هؤلاء الأملاك كالولاة على ما أحدثه سبحانه دونهم من العالم من عليين إلى أسفل سافلين و وهب كل ملك من هؤلاء الملائكة علم ما يريد إمضائه في العالم فأول شيء أوجده اللّٰه في الأعيان مما يتعلق به علم هؤلاء الملائكة و تدبيرهم الجسم الكلي و أول شكل فتح في هذا الجسم الشكل الكري المستدير إذ كان أفضل الأشكال ثم نزل سبحانه بالإيجاد و الخلق إلى تمام الصنعة و جعل جميع ما خلقه تعالى مملكة لهؤلاء الملائكة و ولاهم أمورها في الدنيا و الآخرة و عصمهم عن المخالفة فيما أمرهم به فأخبرنا سبحانه أنهم لاٰ يَعْصُونَ اللّٰهَ مٰا أَمَرَهُمْ وَ يَفْعَلُونَ مٰا يُؤْمَرُونَ

[خلق المولدات]

و لما انتهى خلق المولدات من الجمادات و النبات و الحيوان بانتهاء إحدى و سبعين ألف سنة من سنى الدنيا مما نعد و رتب العالم ترتيبا حكميا و لم يجمع سبحانه لشيء مما خلقه من أول موجود إلى آخر مولود و هو الحيوان بين يديه تعالى إلا للإنسان و هي هذه النشأة البدنية الترابية بل خلق كل ما سواها إما عن أمر إلهي أو عن يد واحدة قال تعالى إِنَّمٰا قَوْلُنٰا لِشَيْءٍ إِذٰا أَرَدْنٰاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ فهذا عن أمر إلهي و

ورد في الخبر أن اللّٰه عز و جل خلق جنة عدن بيده و كتب التوراة بيده و غرس شجرة طوبى بيده و خلق آدم الذي هو الإنسان بيديه فقال تعالى لإبليس على جهة التشريف لآدم ع مٰا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمٰا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ

[الفلك الأدنى و البروج الاثنا عشر]

و لما خلق اللّٰه الفلك الأدنى الذي هو الأول المذكور آنفا قسمه اثني عشر قسما سماها قال تعالى وَ السَّمٰاءِ ذٰاتِ الْبُرُوجِ فجعل كل قسم برجا و جعل تلك الأقسام ترجع إلى أربعة في الطبيعة ثم كرر كل واحد من الأربعة في ثلاثة مواضع منه و جعل هذه الأقسام كالمنازل و المناهل التي ينزل فيها المسافرون و يسير فيها السائرون في حال سيرهم و سفرهم لينزل في هذه الأقسام عند سير الكواكب فيها و سياحتهم ما يحدث اللّٰه في جوف هذا الفلك من الكواكب التي تقطع بسيرها في هذه البروج ليحدث اللّٰه عند قطعها و سيرها ما شاء أن يحدث اللّٰه في جوفي هذا الفلك من الكواكب التي تقطع بسيرها في هذه البروج ليحدث اللّٰه عند قطعها و سيرها ما شاء أن يحدث من العالم الطبيعي و العنصري و جعلها علامات على أثر حركة فلك البروج فاعلم

[الطبائع و العناصر الأربعة]

فقسم من هذه الأربعة طبيعته الحرارة و اليبوسة و الثاني البرودة و اليبوسة و الثالث الحرارة و الرطوبة و الرابع البرودة و الرطوبة و جعل الخامس و التاسع من هذه الأقسام مثل الأول و جعل السادس و العاشر مثل الثاني و جعل السابع و الحادي عشر مثل الثالث و جعل الثامن و الثاني عشر مثل الرابع أعني في الطبيعة فحصر الأجسام الطبيعية بخلاف و الأجسام العنصرية بلا خلاف في هذه الأربعة التي هي الحرارة و البرودة و الرطوبة و اليبوسة و مع كونها أربعا أمهات فإن اللّٰه جعل اثنين منها أصلا في وجود الاثنين الآخرين فانفعلت اليبوسة عن الحرارة و الرطوبة عن البرودة فالرطوبة و اليبوسة موجودتان عن سببين هما الحرارة و البرودة و لهذا ذكر اللّٰه في قوله تعالى وَ لاٰ رَطْبٍ وَ لاٰ يٰابِسٍ إِلاّٰ فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ لأن المسبب يلزم من كونه مسببا وجود السبب أو منفعلا وجود الفاعل كيف شئت فقل و لا يلزم من وجود السبب وجود المسبب

[الفلك الأطلس]

و لما خلق اللّٰه هذا الفلك الأول دار دورة غير معلومة الانتهاء إلا لله تعالى لأنه ليس فوقه شيء محدود من الأجرام يقطع فيه فإنه أول الأجرام الشفافة فتتعدد الحركات و تتميز و لا كان قد خلق اللّٰه في جوفه شيئا فتتميز الحركات و تنتهي عند من يكون في جوفه و لو كان لم تتميز أيضا لأنه أطلس لا كوكب فيه متشابه الأجزاء فلا يعرف مقدار الحركة الواحدة منه و لا تتعين فلو كان فيه جزء مخالف لسائر أجزائه عد به حركاته بلا شك و لكن علم اللّٰه قدرها و انتهاءها و كرورها فحدث عن تلك الحركة اليوم و لم يكن ثم ليل و لا نهار في هذا اليوم ثم استمرت حركات هذا الفلك فخلق اللّٰه ملائكة خمسة و ثلاثين ملكا أضافهم إلى ما ذكرناه من الأملاك الستة عشر فكان الجميع أحدا و خمسين ملكا من جملة هؤلاء الملائكة جبريل و ميكائيل و إسرافيل و عزرائيل ثم خلق تسعمائة ملك و أربعا و سبعين و أضافهم إلى ما ذكرناه من الأملاك و أوحى إليهم و أمرهم بما يجري على أيديهم في خلقه فقالوا

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 122
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست