responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 123

وَ مٰا نَتَنَزَّلُ إِلاّٰ بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مٰا بَيْنَ أَيْدِينٰا وَ مٰا خَلْفَنٰا وَ مٰا بَيْنَ ذٰلِكَ وَ مٰا كٰانَ رَبُّكَ نَسِيًّا و قال فيهم لاٰ يَعْصُونَ اللّٰهَ مٰا أَمَرَهُمْ فهؤلاء من الملائكة هم الولاة خاصة و خلق اللّٰه ملائكة هم عمار السموات و الأرض لعبادته فما في السماء و الأرض موضع إلا و فيه ملك و لا يزال الحق يخلق من أنفاس العالم ملائكة ما داموا متنفسين

[خلق الدار الدنيا]

و لما انتهى من حركات هذا الفلك الأول و مدته أربع و خمسون ألف سنة مما تعدون خلق اللّٰه الدار الدنيا و جعل لها أمدا معلوما تنتهي إليه و تنقضي صورتها و تستحيل من كونها دارا لنا و قبولها صورة مخصوصة و هي التي نشاهدها اليوم إلى أن تبدل اَلْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَ السَّمٰاوٰاتُ و لما انقضى من مد حركة هذا الفلك ثلاث و ستون ألف سنة مما تعدون خلق اللّٰه الدار الآخرة الجنة و النار اللتين أعدهما اللّٰه لعباده السعداء و الأشقياء فكان بين خلق الدنيا و خلق الآخرة تسع آلاف سنة مما تعدون و لهذا سميت آخرة لتاخر خلقها عن خلق الدنيا و سميت الدنيا الأولى لأنها خلقت قبلها قال تعالى وَ لَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولىٰ يخاطب نبيه صلى اللّٰه عليه و سلم و لم يجعل للآخرة مدة ينتهي إليها بقاؤها فلها البقاء الدائم

[سقف الجنة الفلك الأطلس]

و جعل سقف الجنة هذا الفلك و هو العرش عندهم الذي لا تتعين حركته و لا تتميز فحركته دائمة لا تنقضي و ما من خلق ذكرناه خلق إلا و تعلق القصد الثاني منه وجود الإنسان الذي هو الخليفة في العالم و إنما قلت القصد الثاني إذ كان القصد الأول معرفة الحق و عبادته التي لها خلق العالم كله فما من شيء إلا و هو يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ و معنى القصد الثاني و الأول التعلق الإرادي لا حدوث الإرادة لأن الإرادة لله صفة قديمة أزلية اتصفت بها ذاته كسائر صفاته

[حركة السماوات و حركة الأرض]

و لما خلق اللّٰه هذه الأفلاك و السموات وَ أَوْحىٰ فِي كُلِّ سَمٰاءٍ أَمْرَهٰا و رتب فيها أنوارها و سرجها و عمرها بملائكته و حركها تعالى فتحركت طائعة لله آتية إليه طلبا للكمال في العبودية التي تليق بها لأنه تعالى دعاها و دعا الأرض ف‌ فَقٰالَ لَهٰا وَ لِلْأَرْضِ ائْتِيٰا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لأمر حد لهما قٰالَتٰا أَتَيْنٰا طٰائِعِينَ فهما آتيتان أبدا فلا تزالان متحركتين غير أن حركة الأرض خفية عندنا و حركتها حول الوسط لأنها أكر فأما السماء فاتت طائعة عند أمر اللّٰه لها بالإتيان و أما الأرض فاتت طائعة لما علمت نفسها مقهورة و أنه لا بد أن يؤتى بها بقوله أَوْ كَرْهاً فكانت المرادة بقوله تعالى أَوْ كَرْهاً فاتت طائعة كرها فَقَضٰاهُنَّ سَبْعَ سَمٰاوٰاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَ أَوْحىٰ فِي كُلِّ سَمٰاءٍ أَمْرَهٰا

[خلق الأرض و تقدير أقواتها]

و قد كان خَلَقَ الْأَرْضَ و قَدَّرَ فِيهٰا أَقْوٰاتَهٰا من أجل المولدات فجعلها خزانة لأقواتهم و قد ذكرنا ترتيب نشء العالم في كتاب عقلة المستوفز فكان من تقدير أقواتها وجود الماء و الهواء و النار و ما في ذلك من البخارات و السحب و البروق و الرعود و الآثار العلوية و ذٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ و خلق الجان من النار : و الطير و الدواب البرية و البحرية و الحشرات من عفونات الأرض ليصفو الهواء لنا من بخارات العفونات التي لو خالطت الهواء الذي أودع اللّٰه حياة هذا الإنسان و الحيوان و عافيته فيه لكان سقيما مريضا معلولا فصفى له الجو سبحانه لطفا منه بتكوين هذه المعفنات فقلت الأسقام و العلل

[خلق الإنسان]

و لما استوت المملكة و تهيأت و ما عرف أحد من هؤلاء المخلوقات كلها من أي جنس يكون هذا الخليفة الذي مهد اللّٰه هذه المملكة لوجوده فلما وصل الوقت المعين في علمه لإيجاد هذا الخليفة بعد أن مضى من عمر الدنيا سبع عشرة ألف سنة و من عمر الآخرة الذي لا نهاية له في الدوام ثمان آلاف سنة أمر اللّٰه بعض ملائكته أن يأتيه بقبضة من كل أجناس تربة الأرض فأتاه بها في خبر طويل معلوم عند الناس فأخذها سبحانه و خمرها بيديه فهو قوله لِمٰا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ و كان الحق قد أودع عند كل ملك من الملائكة الذين ذكرناهم وديعة لآدم و قال لهم إِنِّي خٰالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ و هذه الودائع التي بأيديكم له فإذا خلقته فليؤد إليه كل واحد منكم ما عنده مما أمنتكم عليه ثم فَإِذٰا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سٰاجِدِينَ فلما خمر الحق تعالى بيديه طينة آدم حتى تغير ريحها و هو المسنون و ذلك الجزء الهوائي الذي في النشأة جعل ظهره محلا للأشقياء و السعداء من ذريته فأودع فيه ما كان في قبضتيه فإنه سبحانه أخبرنا أن في قبضة يمينه السعداء و في قبضة اليد الأخرى الأشقياء و كلتا يدي ربي يمين مباركة و قال هؤلاء للجنة و بعمل أهل الجنة يعملون و هؤلاء للنار و بعمل أهل النار يعملون و أودع الكل طينة آدم و جمع فيه الأضداد بحكم المجاورة و أنشأه على الحركة المستقيمة و ذلك في دولة السنبلة و جعله ذا جهات ست الفوق و هو ما يلي رأسه و التحت يقابله و هو ما يلي رجليه و اليمين و هو ما يلي جانبه الأقوى و الشمال يقابله و هو ما يلي جانبه

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 123
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست