responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 113

(وصل في قوله رَبِّ الْعٰالَمِينَ اَلرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ )

أثبت بقوله عندنا و في قلوبنا رب العالمين حضرة الربوبية و هذا مقام العارف و رسوخ قدم النفس و هو موضع الصفة فإن قولنا لله ذاتية المشهد عالية المتحد ثم أتبعه بقوله رَبِّ الْعٰالَمِينَ أي مريهم و مغذيهم و العالمين عبارة عن كل ما سوى اللّٰه و التربية تنقسم قسمين تربية بواسطة و بغير واسطة فأما الكلمة فلا يتصور واسطة في حقه البتة و أما من دونه فلا بد من الواسطة ثم تنقسم التربية قسمين التي بالواسطة خاصة قسم محمود و قسم مذموم و من القديم تعالى إلى النفس و النفس داخلة في الحد ما ثم إلا محدود خاصة و أما المذموم و المحمود فمن النفس إلى عالم الحس فكانت النفس محلا قابلا لوجود التغيير و التطهير

[الكلمة مستودع الأسرار و الحكم]

فنقول إن اللّٰه تعالى لما أوجد الكلمة المعبر عنها بالروح الكلي إيجاد إبداع أوجدها في مقام الجهل و محل السلب أي أعماه عن رؤية نفسه فبقي لا يعرف من أين صدر و لا كيف صدر و كان الغذاء فيه الذي هو سبب حياته و بقائه و هو لا يعلم فحرك اللّٰه همته لطلب ما عنده و هو لا يدري أنه عنده فأخذ في الرحلة بهمته فأشهده الحق تعالى ذاته فسكن و عرف أن الذي طلب لم يزل موصوفا قال إبراهيم بن مسعود الإلبيري

قد يرحل المرء لمطلوبه و السبب المطلوب في الراحل
و علم ما أودع اللّٰه فيه من الأسرار و الحكم و تحقق عنده حدوثه و عرف ذاته معرفة إحاطية فكانت تلك المعرفة له غذاء معينا يتقوت به و تدوم حياته إلى غير نهاية فقال له عند ذلك التجلي الأقدس ما اسمي عندك فقال أنت ربي فلم يعرفه إلا في حضرة الربوبية و تفرد القديم بالألوهية فإنه لا يعرفه إلا هو فقال له سبحانه أنت مربوبي و أنا ربك أعطيتك أسمائي و صفاتي فمن رآك رآني و من أطاعك أطاعني و من علمك علمني و من جهلك جهلني فغاية من دونك أن يتوصلوا إلى معرفة نفوسهم منك و غاية معرفتهم بك العلم بوجودك لا بكيفيتك كذلك أنت معي لا نتعدى معرفة نفسك و لا ترى غيرك و لا يحصل لك العلم بي إلا من حيث الوجود و لو أحطت علما بي لكنت أنت أنا و لكنت محاطا لك و كانت أنيتي أنيتك و ليست أنيتك أنيتي فأمدك بالأسرار الإلهية و أربيك بها فتجدها مجعولة فيك فتعرفها و قد حجبتك عن معرفة كيفية إمدادي لك بها إذ لا طاقة لك بحمل مشاهدتها إذ لو عرفتها لاتحدت الإنية و اتحاد الإنية محال فمشاهدتك لذلك محال هل ترجع إنية المركب إنية البسيط لا سبيل إلى قلب الحقائق فاعلم إن من دونك في حكم التبعية لك كما أنت في حكم التبعية لي فأنت ثوبي و أنت ردائي و أنت غطائي

[مأساة الروح في السماء]

فقال له الروح ربي سمعتك تذكر أن لي ملكا فأين هو فاستخرج له النفس منه و هي المفعول عن الانبعاث فقال هذا بعضي و أنا كله كما أنا منك و لست مني قال صدقت يا روحي قال بك نطفت يا ربي إنك ربيتني و حجبت عني سر الإمداد و التربية و انفردت أنت به فاجعل إمدادي محجوبا عن هذا الملك حتى يجهلني كما جهلتك فخلق في النفس صفة القبول و الافتقار و وزر العقل إلى الروح المقدس ثم أطلع الروح على النفس فقال لها من أنا قالت ربي بك حياتي و بك بقائي فتاه الروح بملكه و قام فيه مقام ربه فيه و تخيل أن ذلك هو نفس الإمداد فأراد الحق أن يعرفه أن الأمر على خلاف ما تخيل و أنه لو أعطاه سر الإمداد كما سأل لما انفردت الألوهية عنه بشيء و لاتحدت الإنية فلما أراد ذلك خلق الهوى في مقابلته و خلق الشهوة في مقابلة العقل و وزرها للهوى و جعل في النفس صورة القبول لجميع الواردات عموما فحصلت النفس بين ربين قويين لهما وزيران عظيمان و ما زال هذا يناديها و هذا يناديها و الكل من عند اللّٰه قال تعالى قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللّٰهِ و كُلاًّ نُمِدُّ هٰؤُلاٰءِ وَ هَؤُلاٰءِ مِنْ عَطٰاءِ رَبِّكَ و لهذا كانت النفس محل التغيير و التطهير قال تعالى فَأَلْهَمَهٰا فُجُورَهٰا وَ تَقْوٰاهٰا في أثر قوله وَ نَفْسٍ وَ مٰا سَوّٰاهٰا فإن أجابت منادى الهوى كان التغيير و إن أجابت منادى الروح كان التطهير شرعا و توحيدا فلما رأى الروح ينادي و لا يسمع مجيبا فقال ما منع ملكي من إجابتي قال له الوزير في مقابلتك ملك مطاع عظيم السلطان يسمى الهوى عطيته معجلة له الدنيا بحذافيرها فبسط لها حضرته و دعاها فأجابته فرجع الروح بالشكوى إلى اللّٰه تعالى فثبتت عبوديته و ذلك كان المراد

[الأرباب و المربوبون في شتى العوالم]

و تنزلت الأرباب و المربوبون كل واحد على حسب مقامه و قدره فعالم الشهادة المنفصل ربهم عالم الخطاب و عالم الشهادة المتصل ربهم عالم الجبروت و عالم الجبروت ربهم عالم الملكوت و عالم الملكوت ربهم الكلمة و الكلمة ربها

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 113
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست