responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 112

وجود العبد من وجود الإله ثم غيبه عن وجوده بوجوده الأزلي و أوصله به فقال لله فاللام الداخلة على قوله اللّٰه الخافضة له هي حقيقة المألوه في باب التواضع و الذلة و هي من حروف المعاني لا من حروف الهجاء ثم قدمها سبحانه على اسم نفسه تشريفا لها و تهمما و تنزيها لمعرفتها بنفسها و تصديقا لتقديم النبي صلى اللّٰه عليه و سلم إياها في

قوله من عرف نفسه عرف ربه فقدم معرفة النفس على معرفة الرب ثم عملت في الاسم اللّٰه لتحقيق الاتصال و تمكينها من المقام و لما كانت في مقام الوصلة ربما توهم أن الحمد غير اللام فخفض العبد اتباعا لحركة اللام فقرئ الحمد لله بخفض الدال فكان لفظة الحمد بدلا من اللام بدل شيء من شيء و هما لعين واحدة فالحمد هو وجود اللام و اللام هي الحمد فإذا كانا شيئا واحدا كان الحمد في مقام الوصلة مع اللّٰه لأنه عين اللام فكان معنى كما كانت اللام لفظا و معنى ثم حقيقة الخفض فيها إثبات العبودية ثم أحيانا يفنيها عن نفسها فناء كليا ليرفعها إلى المقام الأعلى في الأولية ثم يبقى حقيقتها في الآخرية فيقول الحمد لله برفع اللام اتباعا لحركة الدال و هذا مما يؤيد أن الحمد اللام و هو المعبر عنه بالرداء و الثوب إذ كان هو محل الصفات و افتراق الجمع فغاية معرفة العباد أن تصل إليه إن وصلت و ألحق وراء ذلك كله أو قل و مع ذلك كله فلما رفعها بالفناء عنها ابتداء أراد أن يعرفها مع فنائها إنها ما برحت من مقامها فجعلها عاملة و جعل رفعها عارضا في حق الحق فأبقى الهاء مكسورة تدل على وجود اللام في مقام خفض العبودة و لهذا شدت اللام الوسطى بلفظة لا أي ذات الحق ليست ذات العبد و إنما هي حقيقة المثل لتجلى الصورة ثم الهاء تعود على اللام لما هي معمولها فلو كانت الهاء كناية عن ذات الحق لم تعمل فيها اللام بل هو العامل في كل شيء فإذا كانت اللام هي نفس الحمد و الهاء معمول اللام فالهاء هي اللام و قد كانت اللام هي الحمد فالهاء الحمد بلا مزيد و قد قلنا إن اللام المشددة لنفي الجمع المتحد موضع الفصل فخرج من مضمون هذا الكلام أن الحمد هو قوله لله و أن قوله لله هو قوله الحمد فغاية العبد أن حمد نفسه الذي رأى في المرآة إذ لا طاقة للمحدث على حمل القديم فأحدث المثل على الصورة و صار الموحد مرآة فلما تجلت صورة المثل في مرآة الذات قال لها حين أبصرت الذات فعطست فميزت نفسها احمدي من رأيت فحمدت نفسها فقالت الحمد لله فقال لها يرحمك ربك يا آدم لهذا خلقتك فسبقت رحمته غضبه و لهذا قال عقيب قوله اَلْحَمْدُ لِلّٰهِ رَبِّ الْعٰالَمِينَ ... اَلرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ فقدم الرحمة ثم قال غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ فأخر غضبه فسبقت الرحمة الغضب في أول افتتاح الوجود فسبقت الرحمة إلى آدم قبل العقوبة على أكل الشجرة ثم رحم بعد ذلك فجاءت رحمتان بينهما غضب فتطلب الرحمتان أن تمتزجا لأنهما مثلان فانضمت هذه إلى هذه فانعدم الغضب بينهما كما قال بعضهم في يسرين بينهما عسر

إذا ضاق عليك الأمر فكر في أ لم نشرح
فعسر بين يسرين إذا ذكرته فافرح
فالرحمة عبارة عن الموجود الأول المعبر عنه بالمطلوب و المغضوب عليهم النفس الأمارة و الضالون عالم التركيب ما دامت هي مغضوبة عليها إذ الباري منزه عن أن ينزه إذ لا غير و لا موجود إلا هو و لهذا

أشار صلى اللّٰه عليه و سلم بقوله المؤمن مرآة أخيه لوجود الصورة على كمالها إذ هي محل المعرفة و هي الموصلة و لو أوجده على غير تلك الصورة لكان جمادا فالحمد لله الذي من على العارفين به الواقفين معه بمواد العناية أزلا و أبدا

(تنبيه) [الحمد لله و الحمد بالله من طريق الأسرار]

اللام تفني الرسم كما إن الباء تبقيه و لهذا قال أبو العباس بن العريف العلماء لي و العارفون بي فأثبت المقام الأعلى للام فإنه قال في كلامه و العارفون بالهمم ثم قال في حق اللام و الحق وراء ذلك كله ثم زاد تنبيها على ذلك و لم يقنع بهذا وحده فقال و الهمم للوصول و الهمة للعارفين البائيين و قال في العلماء اللاميين و إنما يتبين الحق عند اضمحلال الرسم و هذا هو مقام اللام فناء الرسم فالحمد لله أعلى من الحمد بالله فإن الحمد بالله يبقيك و الحمد لله يفنيك فإذا قال العالم الحمد لله أي لا حامد لله إلا هو فأحرى أن لا يكون ثم محمود سواه و تقول العامة الحمد لله أي لا محمود إلا اللّٰه و هي الحامدة فاشتركا في صورة اللفظ فالعلماء أفنت الحامدين المخلوقين و المحمودين و العامة أفنت المحمودين من الخلق خاصة و أما العارفون فلا يتمكن لهم أن يقولوا الحمد لله إلا مثل العامة و إنما مقامهم الحمد بالله لبقاء نفوسهم عندهم فتحقق هذا الفصل فإنه من لباب المعرفة

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 112
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست