responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 102

فلا بد من الكلام على البسملة و ربما يقع الكلام على بعض آية من سورة البقرة آيتين أو ثلاث خاصة تبركا بكلام الحق سبحانه ثم نسوق الأبواب إن شاء اللّٰه تعالى فأقول إنه لما قدمنا إن الأسماء الإلهية سبب وجود العالم و إنها المسلطة عليه و المؤثرة لذلك كان بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ عندنا خبر ابتداء مضمر و هو ابتداء العالم و ظهوره كأنه يقول ظهور العالم بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ أي باسم اللّٰه الرحمن الرحيم ظهر العالم و اختص الثلاثة الأسماء لأن الحقائق تعطي ذلك فالله هو الاسم الجامع للأسماء كلها و الرحمن صفة عامة فهو رحمن الدنيا و الآخرة بها رحم كل شيء من العالم في الدنيا و لما كانت الرحمة في الآخرة لا تختص إلا بقبضة السعادة فإنها تنفرد عن أختها و كانت في الدنيا ممتزجة يولد كافرا و يموت مؤمنا أي ينشأ كافرا في عالم الشهادة و بالعكس و تارة و تارة و بعض العالم تميز بإحدى القبضتين بأخبار صادق فجاء الاسم الرحيم مختصا بالدار الآخرة لكل من آمن و تم العالم بهذه الثلاثة الأسماء جملة في الاسم اللّٰه و تفصيلا في الاسمين الرحمن الرحيم فتحقق ما ذكرناه فإني أريد أن أدخل إلى ما في طي البسملة و الفاتحة من بعض الأسرار كما شرطناه فلنبين و نقول

[رمزية الباء]

بسم بالباء ظهر الوجود و بالنقطة تميز العابد من المعبود قيل للشبلي رضي اللّٰه عنه أنت الشبلي فقال أنا النقطة التي تحت الباء و هو قولنا النقطة للتمييز و هو وجود العبد بما تقتضيه حقيقة العبودية و كان الشيخ أبو مدين رحمه اللّٰه يقول ما رأيت شيئا إلا رأيت الباء عليه مكتوبة فالباء المصاحبة للموجودات من حضرة الحق في مقام الجمع و الوجود أي بي قام كل شيء و ظهر و هي من عالم الشهادة هذه الباء بدل من همزة الوصل التي كانت في الاسم قبل دخول الباء و احتيج إليها إذ لا ينطق بساكن فجلبت الهمزة المعبر عنها بالقدرة محركة عبارة عن الوجود ليتوصل بها إلى النطق الذي هو الإيجاد من إبداع و خلق بالساكن الذي هو العدم و هو أوان وجود المحدث بعد أن لم يكن و هو السين فدخل في الملك بالميم أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قٰالُوا بَلىٰ

[الفرق بين الباء و الألف]

فصارت الباء بدلا من همزة الوصل أعني القدرة الأزلية و صارت حركة الباء لحركة الهمزة الذي هو الإيجاد و وقع الفرق بين الباء و الألف الواصلة فإن الألف تعطي الذات و الباء تعطي الصفة و لذلك كانت لعين الإيجاد أحق من الألف بالنقطة التي تحتها و هي الموجودات فصار في الباء الأنواع الثلاثة شكل الباء و النقطة و الحركة العوالم الثلاثة فكما في العالم الوسط توهم ما كذلك في نقطة الباء فالباء ملكوتية و النقطة جبروتية و الحركة شهادية ملكية و الألف المحذوفة التي هي بدل منها هي حقيقة القائم بالكل تعالى و احتجب رحمة منه بالنقطة التي تحت الباء و على هذا الحد تأخذ كل مسألة في هذا الباب مستوفاة بطريق الإيجاز فبسم و الم واحد

[رمزية الألف]

ثم وجدنا الألف من بسم قد ظهرت في اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ و بِسْمِ اللّٰهِ مَجْرٰاهٰا بين الباء و السين و لم تظهر بين السين و الميم فلو لم تظهر في باسم السفينة ما جرت السفينة و لو لم تظهر في اِقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ما علم المثل حقيقته و لا رأى صورته فتيقظ من سنة الغفلة و انتبه فلما كثر استعمالها في أوائل السور حذفت لوجود المثل مقامه في الخطاب و هو الباء فصار المثل مرآة للسين فصار السين مثالا و على هذا الترتيب نظام التركيب و إنما لم تظهر بين السين و الميم و هو محل التغيير و صفات الأفعال أن لو ظهرت لزال السين و الميم إذ ليسوا بصفة لازمة للقديم مثل الباء فكان خفاؤه عنهم رحمة بهم إذ كان سبب بقاء وجودهم وَ مٰا كٰانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللّٰهُ إِلاّٰ وَحْياً أَوْ مِنْ وَرٰاءِ حِجٰابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً و هو الرسول فهذه الباء و السين و الميم العالم كله

[عمل الباء في الميم]

ثم عمل الباء في الميم الخفض من طريق الشبه بالحدوث إذ الميم مقام الملك و هو العبودية و خفضتها الباء عرفتها بنفسها و أوقفتها على حقيقتها فمهما وجدت الباء وجدت الميم في مقام الإسلام فإن زالت الباء يوما ما لسبب طارئ و هو ترقي الميم إلى مقام الايمان فتح في عالم الجبروت بسبح و أشباهه فأمر بتنزيه المحل لتجلى المثل فقيل له سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى الذي هو مغذيك بالمواد الإلهية فهو ربك بفتح الميم و جاءت الألف ظاهرة و زالت الباء لأن الأمر توجه عليها بالتسبيح و لا طاقة لها على ذلك و الباء محدثة مثلها و المحدث من باب الحقائق لا فعل له و لا بد لها من امتثال الأمر فلا بد من ظهور الألف الذي هو الفاعل القديم

[ظهور الألف]

فلما ظهر فعلت القدرة في الميم التسبيح فسبح كما أمر و قيل له الأعلى لأنه مع الباء في الأسفل و في هذا المقام في الوسط و لا يسبح المسبح مثله و لا من هو دونه فلا بد أن يكون المسبح أعلى و لو كنا في تفسير سورة سبح اسم ربك الأعلى لأظهرنا أسرارها فلا يزال في هذا المقام حتى يتنزه في نفسه فإن من ينزهه منزه فإنه منزه عن تنزيهه فلا بد من هذا التنزيه أن يعود

نام کتاب : الـفتوحات المکیة نویسنده : ابن عربي، محيي الدين    جلد : 1  صفحه : 102
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست