و مجرّد أمرهم بالكتابة و الرواية لا يدلّ على القطع بصدور جميع ما في الكتب الأربعة عنهم عليهم السلام،و مطلق الظنّ غير كاف مع إمكان بذل الوسع و ايصاله إلى حدّ الاطمئنان المعتبر عند العقلاء،و لا ريب في أنّ أحوال الرجال لها مدخل في إيصال الظنّ بالصدور في جملة من الأخبار إلى حدّ الاطمئنان.
مع أنّا لو تنزّلنا و سلّمنا الاطمئنان بصدور ما في الكتب الأربعة،فمن الواضح عدم وفائها بجميع الأحكام،فلا بدّ في سائر الأخبار-المحتاج إليها في الفقه-من مراجعة رجالها حتّى يحصل الاطمئنان بصدورها ليجوز الاعتماد عليها،فإنكار الحاجة إلى علم الرجال و تخطئة جمّ غفير من الأساطين خطأ ظاهر عند أولي البصائر [1].
ثمّ إنّه لا يخفى عليك أنّي لم أعثر على من ذكر وجه عدم كتابة الأئمّة عليهم السلام كتابا جامعا للفروع جميعا يجعلونه مرجعا للشيعة في الأحكام في زمان الحضور و بعد الغيبة..
و الذي أظنّه-و إن كان ظنّي لا يغني من الحقّ شيئا-أنّ السر في ذلك هو أن يتداول بينهم الجدّ و الجهد في تحصيل حكم اللّه تعالى بعد الغيبة الكبرى، ليكون الجادّ في ذلك مأجورا في الآخرة،و مرجعا للشيعة في الحوادث الواقعة-نظير الراعي للغنم-إذ لو كان الكتاب المذكور صادرا منهم
[1] هذا؛و لا ريب أنّ الرجوع إلى علماء الرجال من باب تحصيل الظن القائم مقام العلم الواجب عند التعذر..لعلّه أمر واضح الرجحان.