أخبروا الشيخ الوالد قدّس سرّه بذلك أبى من ذلك،و قال:إنّا فقراء و البنت ذات مال فإن زوّجت ابني بها فربّما تتكبّر عليه لمالها..و لا أحب أن أذلّ ابني.
..إلى غير ذلك من القضايا غير المتناهية الكاشفة عن علوّ همّته.
و أمّا زهده و تقواه:
فلعمري إنّ الأقلام تكلّ عن تحريرهما،و الأفكار تقصر عن تصويرهما، و كفاك في ذلك أنّه قدّس سرّه كان من أوثق رؤساء الشيعة منذ سنين،و كان تجلب إليه في كلّ سنة من الحقوق خمسون ألف تومان تقريبا،بل أزيد..
و يوصلها إلى الفقراء و لم يظهر في ملبسه و مطعمه و سائر أمور داره و عياله و متعلقيه-إلى أن قبضه اللّه تعالى-فرق بين أزمنته،فكان في زمان رئاسته التامة من جميع الجهات كما كان في حال اشتغاله و فاقته.
و لقد كان من خصائصه قدّس سرّه أنّه لا يصرف شيئا من الحقوق-حتّى ما أتى إليه بعنوان الإحسان و النذر على المشتغلين أو نحو ذلك-على نفسه و لا عياله،و كان يعيش معيشة الفقراء و يقنع بالهدايا،و لقد اتفق مرارا أنّه كان يقسّم ما ينطبق عليه و على عياله و هو خال من المال..و مع ذلك لم نكن نصرف من ذلك على أنفسنا،بل نستقرض و نعيش.
و قد أرسل سلطان ايران مظفّر الدين شاه ألفين و خمسمائة تومان إليه،كانت ألف و خمسمائة منها نذرا للسادة،و ألف نذرا للطّلبة،و كنّا نقسّمها على السادات و الطلاب و كنّا في نهاية الاضطرار،و مع ذلك لم نصرف من نذر الطلاب على أنفسنا،و لا من نذر السادات على والدتي العلويّة شيئا،بل استقرضنا من خالي و عشنا به إلى أن جاءتنا هديّة،مع أنّا جميعا كنّا[من]أظهر أفراد المشتغلين في ذلك الزمان،و كان يقول لي-مرارا في مقام الموعظة-:
إنّ من كان أمين الحقوق فليس أن يصرف منها على نفسه؛لأنّه لا يأخذ منها