الأخبار المروّية عنهم عليهم السّلام و المتأخّرون لم يتفطّنوا للقضيّة فعاملوها معاملة واحدة و جعلوا المعيار مجرّد السند،مع أنه كم شاذّ قويّ السند و مشهور ضعيف المستند.مع أنّ الشيخ و إن جمع الجميع في محلّ واحد،إلاّ أنّه نبّه على الحقيقة بأنّ ما يورده أولا هو الصحيح و ما يذكره أخيرا بلفظ«فأمّا ما رواه فلان»غير الصحيح.
كما أنّ تأليف مبسوطه-و إن كان لغرض دفع الطعن عن الإماميّة بقلّة فروعهم الفقهيّة-صار سببا لخلط فقه العامّة بفقه الخاصّة؛و قد اعترف هو بأنّ ما فعله فيه مخالف لسيرة الإماميّة،و أنّ فقههم ليس إلاّ متون الأخبار،دون ما استند فيه إلى نوع اعتبار [1].
كما أنّ كتبه بالجملة لتبويبها و جامعيّتها صارت سببا لاندراس كتب المتقدّمين عليه و حصول الحرمان عن كثير من فوائدها.
كما أنّ لمتابعة أكثر من جاء بعده له-لحسن ظنّهم به-حصلت شهرات بل إجماعات منتهية إليه كما نبّهنا عليه كرارا في تعليقاتنا على الروضة.
كما أنّ اختلاف نظره في كتبه الفقهيّة-فنهايته كتاب أخبار،و مبسوطه و خلافه كتاب اعتبار-أوجب انقلاب طريقة المتقدّمين مع متانتها إلى طريقة المتأخّرين مع مفاسدها.
كما أنّ استناده إلى نسخة الكشّي المصحّفة و اعتماده على ابن النديم المحرّف أوجبا أوهاما كثيرة،كما عرفت و تعرف في تعليقاتنا هذه.
هذا،و ذكره الجزري في كامله فقال:و في سنة 449 نهبت دار أبي جعفر الطوسي فقيه الإماميّة بالكرخ و اخذ ما فيها،و كان قد فارقها إلى المشهد الغربي [2]!و توفي في سنة 460 بالمشهد العلوي [3].
و عدّه الشهرستاني من متأخري مصنّفي الإمامية [4].و قد أكثر ياقوت الحموي في
[1] انظر مقدمة المبسوط،لكن عبارتها ليست صريحة في الاعتراف المذكور.