و أمره تلك الليلة أن ينام على فراشه و قال له:تسجّ ببردي الحضرمي الأخضر، فانّه لا يخلص إليك منهم أحد و لا يصيبونك بمكروه،و القوم قد أحاطوا بالدار؛ فأوحى اللّه إلى جبرئيل و ميكائيل:أنّي قد آخيت بينكما و جعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر،فأيّكما يؤثر صاحبه بالحياة؟فاختار كلاهما الحياة، فأوحى اللّه إليهما أ فلا كنتما مثل عليّ؟آخيت بينه و بين محمّد فبات على فراشه يفديه بنفسه و يؤثره بالحياة،اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوّه؛فنزلا، جبرئيل عند رأسه،و ميكائيل عند رجليه،و الملائكة تنادي بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب!و اللّه يباهي بك ملائكته.ثمّ توجّه النبيّ-صلّى اللّه عليه و آله و سلّم-إلى المدينة فأنزل اللّه تعالى في شأن عليّ-عليه السّلام- «وَ مِنَ النّٰاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغٰاءَ مَرْضٰاتِ اللّٰهِ وَ اللّٰهُ رَؤُفٌ بِالْعِبٰادِ» [1]قال ابن عبّاس:أوّل من شرى نفسه ابتغاء مرضاة اللّه عليّ-عليه السّلام-و قال ابن عبّاس:أنشدني أمير المؤمنين-عليه السّلام-شعرا قاله في تلك الليلة:وقيت بنفسي خير من وطئ الحصى...الخ [2].
و روى أحمد بن حنبل في مسنده-كما في الطرائف-في حديث ليلة البدر:
قال رسول اللّه:من يستقي لنا؟فأحجم الناس،فقام عليّ-عليه السّلام- فاحتضن قربة ثمّ أتى بئرا بعيدة القعر مظلمة،فانحدر فيها؛فأوحى اللّه عزّ و جلّ إلى جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل:تأهّبوا لنصرة محمّد و حزبه،فهبطوا من السماء،لهم لغط يذعر من يسمعه،فلمّا حاذوا البئر سلّموا على عليّ -عليه السّلام-من عند ربّهم عن آخرهم إكراما و تبجيلا [3].
و روى أحمد بن حنبل في فضائله-كما في تذكرة سبط ابن الجوزي-عن