هو الإمام الذى
فاق أقرانه ، وشأى من تقدّمه ، وأعيا من يأتى بعده ، الذى لا يشقّ غباره في سعة
الاطلاع وحسن العبارة وجمال التعليل ، الصالح الورع ، أبو محمد عبد الله جمال
الدين بن يوسف بن أحمد بن عبد الله بن هشام ، الأنصارى ، المصرى.
ولد بالقاهرة ،
فى ذى القعدة من عام ثمان وسبعمائة من الهجرة (سنة ١٣٠٩ من الميلاد).
لزم الشهاب عبد
اللطيف بن المرحّل ؛ وتلا على ابن السّرّاج ، وسمع على أبى حيّان ديوان زهير بن
أبى سلمى المزنى ، ولم يلازمه ولا قرأ عليه غيره ، وحضر دروس التاج التّبريزى ،
وقرأ على التاج الفاكهانى شرح الإشارة له إلا الورقة الأخيرة ، وحدّث عن ابن جماعة
بالشاطبية ، وتفقّه أول الأمر على مذهب الشافعى ، ثم تحنبل فحفظ مختصر الخرقى قبيل
وفاته بخمس سنين.
تخرج به جماعة
من أهل مصر وغيرهم ، وتصدّر لنفع الطالبين ، وانفرد بالفوائد الغريبة ، والمباحث
الدقيقة ، والاستدراكات العجيبة ، والتحقيق البارع ، والاطلاع المفرط ، والاقتدار
على التصرف فى الكلام ، وكانت له ملكه يتمكن بها من التعبير عن مقصوده بما يريد
مسهبا وموجزا ، وكان ـ مع ذلك كله ـ متواضعا ، برّا ، دمث الخلق ، شديد الشفقة ،
رقيق القلب.