نام کتاب : مغنى اللبيب نویسنده : ابن هشام الأنصاري جلد : 1 صفحه : 246
الثانى من أوجه «لا» أن تكون موضوعة
لطلب التّرك ، وتختص بالدخول
على المضارع ، وتقتضى جزمه واستقباله ، سواء كان المطلوب منه مخاطبا نحو (لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ
أَوْلِياءَ) أو غائبا نحو (لا يَتَّخِذِ
الْمُؤْمِنُونَ الْكافِرِينَ أَوْلِياءَ) أو متكلما نحو «لا أرينّك ههنا» وقوله :
٤٠٤ ـ لا أعرفن ربربا حورا مدامعها
[مردّفات على أعجاز أكوار]
وهذا النوع مما
أقيم فيه المسبب مقام السبب ، والأصل لا تكن ههنا فأراك ، ومثله فى الأمر (وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً) أى وأغلظوا عليهم ليجدوا ذلك ، وإنما عدل إلى الأمر
بالوجدان تنبيها على أنه المقصود بالذات [١] ، وأما الإغلاظ فلم يقصد لذاته ، بل ليجدوه ، وعكسه (لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ) أى لا تفتتنوا بفتنة الشيطان.
واختلف فى لا
من قوله تعالى (وَاتَّقُوا فِتْنَةً
لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) على قولين ؛ أحدهما : أنها ناهية ، فتكون من هذا ،
والأصل لا تتعرضوا للفتنة فتصيبكم ، ثم عدل عن النهى عن التعرض إلى النهى عن
الإصابة لأن الإصابة مسببة عن التعرض ، وأسند هذا المسبب إلى فاعله ، وعلى هذا
فالإصابة خاصة بالمتعرضين وتوكيد الفعل بالنون واضح لاقترانه بحرف الطلب مثل (وَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ غافِلاً) ولكن وقوع الطلب صفة للنكرة ممتنع ؛ فوجب إضمار القول ،
أى واتقوا فتنة مقولا فيها ذلك ، كما قيل فى قوله :
٤٠٥ ـ حتّى إذا جنّ الظّلام واختلط
[جاؤا بمذق هل رأيت الذّئب قط]
[ص ٥٨٥]
الثانى : أنها
نافية ، واختلف القائلون بذلك على قولين ؛ أحدهما : أن الجملة صفة لفتنة ، ولا
حاجة إلى إضمار قول ؛ لأن الجملة خبرية ، وعلى هذا فيكون دخول النون شاذا ، مثله
فى قوله :