قال سيبويه :
واعلم أن العرب قد تستغنى بالشىء [عن الشىء] حتى يصير المستغنى عنه مسقطا من
كلامهم البتّة.
فمن ذلك
استغناؤهم بترك عن (ودع) ، و (وذر). فأمّا قراءة بعضهم (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) [الضحى : ٣] وقول أبى الأسود (حتى ودعه) فلغة شاذّة ، وقد تقدّم القول
عليها.
ومن ذلك
استغناؤهم بلمحة عن ملمحة ، وعليها كسّرت ملامح ، وبشبه عن مشبه ، وعليه جاء مشابه
، وبليلة عن ليلاة ، وعليها جاءت ليال ؛ وعلى أن ابن الأعرابى قد أنشد :
وهذا شاذّ لم
يسمع إلا من هذه الجهة. وكذلك استغنوا بذكر عن مذكار ، أو مذكير ، وعليه جاء
مذاكير. وكذلك استغنوا بـ «أينق» عن أن يأتوا به والعين فى موضعها ، فألزموه القلب
، أو الإبدال ، فلم يقولوا (أنوق) إلا فى شيء شاذّ حكاه الفرّاء. وكذلك استغنوا
بقسىّ عن قووس ، فلم يأت إلا مقلوبا. ومن ذلك استغناؤهم بجمع القلّة عن جمع الكثرة
؛ نحو قولهم أرجل ، لم يأتوا فيه بجمع الكثرة. وكذلك شسوع : لم يأتوا فيه بجمع
القلّة. وكذلك أيّام : لم يستعملوا فيه