تلاحظ المفهوم لتجعله
حاکياً عن مصداقه ودليلاً عليه ، کما تقول : (الانسان ضاحک) أو
(الانسان في
خسر) ، فتشير بمفهوم الانسان الى اشخاص افراده
وهي المقصودة في الحکم ، وليس ملاحظة المفهوم في الحکم وجعله موضوعاً الا للتوصل الى
الحکم على الافراد. فيسمى المفهوم حينئذ (عنواناً) والمصداق
(معنوناً).
ويقال لهذا الانسان : الانسان بالحمل الشايع.
ولأجل التفرقة بين النظرين نلاحظ الامثلة
الآتية :
١ ـ اذا قال النحاة : «الفعل لا يخبر عنه».
فقد يعترض عليهم في بادي الرأي ، فيقال لهم : هذا القول منکم اخبار عن الفعل ، فکيف
تقولون لا يخبر عنه؟
والجواب : ان الذي وقع في القضية مخبراً
عنه ، وموضوعا في القضية هو مفهوم الفعل ، ولکن ليس الحکم له بما هو مفهوم ، بل جعل
عنواناً وحاکياً عن مصاديقه وآلة لملاحظتها ، والحکم في الحقيقة راجع للمصاديق نحو
ضرب ويضرب. فالفعل الذي له هذا الحکم حقيقة هو الفعل بالحمل الشايع.
٢ ـ واذا قال المنطقي : «الجزئي يمتنع صدقه على
کثيرين» ، فقد يعترض فيقال له : الجزئي يصدق على
کثيرين ، لان هذا الکتاب جزئي ومحمد جزئي وعلي جزئي ، ومکة جزئي ، فکيف قلتم يمتنع
صدقه على کثيرين؟
والجواب : مفهوم الجزئي أي الجزئي بالحمل
الاولي : کلي؛ لا جزئي؛ فيصدق على کثيرين ، ولکن مصداقه أي حقيقة الجزئي يمتنع صدقه
على الکثير ، فهذا الحکم بالامتناع للجزئي بالحمل الشايع ، لا للجزئي بالحمل الاولي
الذي هو کلي.
٣ ـ واذا قال الاصولي : «اللفظ المجمل : ما کان
غير ظاهر المعنى» ، فقد يعترض في بادي
الرأي فيقال له : اذا کان المجمل غير ظاهر المعنى فکيف جاز تعريفه ، والتعريف لا يکون
الا لما کان ظاهراً معناه؟
والجواب : مفهوم المجمل أي المجمل بالحمل
الاولي مبين ظاهر المعنى لکن مصداقه أي المجمل بالحمل الشايع کاللفظ المشترک المجرد
عن القرينة غير ظاهر المعنى. وهذا التعريف للمجمل بالحمل الشايع.