نام کتاب : آراء أهل المدينة الفاضلة ومضاداتها نویسنده : الفارابي، أبو نصر جلد : 1 صفحه : 38
وكذلك في أنه حيّ ، وأنه حياة. فليس يدل
بهذين على ذاتين ، بل على ذات واحدة. فإن معنى الحيّ أنه يعقل أفضل معقول بأفضل
عقل ، أو يعلم أفضل معلوم بأفضل علم. كما أن إنما يقال لنا أحياء أولا ، إذا كنا
ندرك أحسن المدركات بأحسن ادراك. فإنّا إنما يقال لنا أحياء إذا كنا ندرك
المحسوسات ، وهي أحسن المعلومات ، بالاحساس الذي هو أحسن الادراكات ، وبأحسن القوى
المدركة وهي الحواس. فما هو أفضل عقل إذا عقل وعلم أفضل المعقولات بأفضل علم ، فهو
أحرى أن يكون حيا ، لأنه يعقل من جهة ما هو عقل ، وانه عاقل وانه عقل ، وانه عالم
وانه علم ، هو فيه معنى واحد. وكذلك أنه حي ، وأنه حياة ، معنى واحد [١].
وأيضا فإن اسم الحي قد يستعار لغير ما
هو حيوان ، فيقال على كل موجود كان على كماله الأخير ، وعلى كل ما بلغ من الوجود والكمال
إلى حيث يصدر عنه ما من شأنه أن يكون منه ، كما من شأنه أن يكون منه. فعلى هذا
الوجه إذا كان الأول وجوده أكمل وجود ، كان أيضا أحقّ باسم الحيّ من الذي يقال على
الشيء باستعارة [٢].
وكل ما كان وجوده أتم فإنه إذا علم وعقل كان ما يعقل عنه ويعلم منه أتم ، إذا كان
المعقول منه في نفوسنا مطابقا لما هو موجود منه : فعلى حسب وجود الخارج عن نفوسنا
يكون معقوله في نفوسنا مطابقا