الثالث: الاستطاعة من حیث المال، و صحة البدن، و قوّته، و تخلیة السّرب، و سلامته، وسعة الوقت، و کفایته بالإجماع و الکتاب، و السنة {2}.

(مسألة 1): لا خلاف و لا إشکال فی عدم کفایة القدرة العقلیة فی وجوب الحج، بل یشترط فیه الاستطاعة الشرعیة {3} و هی- کما فی جملة من
_____________________________
{1} لأنّ المنفعة ملک للمولی، فله أن ینتفع بملکه فیما شاء و أراد، لقاعدة السلطنة ما لم یکن نهی شرعیّ فی البین و المفروض عدمه.
{2} بل ببناء العقلاء أیضا، لأنّهم فی الأسفار المتعارفة فیما بینهم لحوائجهم العرفیة یعتبرون التمکن من حیث المال، و البدن و الطریق، وسعة الوقت، و غیر ذلک مما یعتبر فی المسافرة. فالاستطاعة بهذا المعنی عرفیة أمضاها الشارع لا أن تکون تعبدیة شرعیة، بل یکفی عدم ثبوت الردع بعد ثبوت أصل وجوب سفر الحج، فکیف بما ورد من الإمضاء کتابا و سنة بالسنة شتّی. نعم، یزید سفر الحج علی غیره من الأسفار بثوبی الإحرام، و الأضحیة، و الکفارة لو اتفق موجبها فلا یعتبر فیه شی‌ء شرعا زائدا علی ما یعتبر فی سائر الأسفار المتعارفة.
و بالجملة: السفر إلی محل تارة: یلحظ بحسب مجرّد إمکانه الذاتی و لو مع عدم المقتضی و وجود المانع و لا یقدم نوع العقلاء علیه إلا نادرا.
و أخری: یلحظ بحسب الوقوع الخارجی، و هذا النحو من السفر لا یقدم نوع الناس علیه إلا بعد إحراز المقتضیات و فقد الموانع، و الاستطاعة الشرعیة لیست إلا عبارة عن هذا، و ما ورد فی الأخبار إرشاد إلیها. ثمَّ إنّه لم یذکر (رحمه اللّه) فی المقام اشتراط وجود نفقة العیال، و تعرض له فی [مسألة 56] و یأتی التفصیل هناک.
{3} أما عدم کفایة القدرة العقلیة، فلضرورة المذهب بل الدّین. و أما اعتبار الاستطاعة الشرعیة فقد ظهر مما تقدم أنّ الاستطاعة عرفیة أمضاها الشارع لا أن