..... _____________________________ و
بعبارة أخری: هل تعتبر فی القضاوة الحقة المباشرة للمجتهد من کلّ حیثیة و
جهة إلی تمام الحکم و فصل الخصومة أو تعتبر المباشرة فی خصوص استفادة
موازینها و أحکامها عن الأدلة، و التسبب فی سائر جهاته إلّا مع الدلیل علی
الخلاف؟ نسب إلی المشهور الأول، و استدل علیه بأمور: الأول: ظواهر الأدلة
المشتملة علی العلم مثل قول الصادق علیه السلام: «انظروا إلی رجل منکم یعلم
شیئا من قضایانا» أو المشتملة علی المعرفة. کقوله علیه السلام: «اجعلوا
بینکم رجلا قد عرف حلالنا و حرامنا» [1]. أو النظر کقوله علیه السلام:
«ینظران من کان منکم ممن قد روی حدیثنا و نظر فی حلالنا و حرامنا و عرف
أحکامنا» [2] فإنّ هذه العناوین مختصة بالمجتهد فلا تشمل غیره. و فیه
أولا: إنّ الروایات المذکورة لا تختص بالمجتهد اتفاقا، و إنّ العلم و
المعرفة و النظر أعم من العلم و المعرفة و النظر الاجتهادی و غیره لغة و
عرفا. فإنّ العامی الذی فهم المسائل من رسالة عملیة و تأملها بمقدار إدراکه
یقال: إنّه نظر فی مسائل الکتاب، و عرفها، و علم بها، لأنّ للعلم و
المعرفة و النظر مراتب متفاوتة جدا. و من یجوّز القضاء للمقلّد لا یجوّز
لکلّ مقلّد، بل لخصوص من عرف المزایا و الدقائق و الخصوصیات المتعلقة
بالوقائع و الجهات الراجعة إلی الحکم و المتحاکمین، و لا ریب فی صدق
العناوین المذکورة علیه. و دعوی: أنّ المراد بها خصوص من بلغ مرتبة
الاجتهاد بلا شاهد، بل الشاهد علی خلافه لکثرة إرجاع الأئمة علیهم السلام
شیعتهم [3] إلی جملة من الرواة الذین لم نظفر لهم علی رأی و دقة و اجتهاد
أصلا، و لم یکن لهم شأن غیر نقل الأحادیث- کالمقلّد الذی لا شأن له غیر
الإحاطة بفتاوی المقلّد و نقلها و ضبطها. و ثانیا: إنّ جلّ هذه الأحادیث بل کلّها إنّما وردت لسد باب الرجوع إلی [1] الوسائل باب: 11 من أبواب صفات القاضی حدیث: 6. [2] تقدم فی صفحة 40. [3] تقدم فی صفحة 27.