يكن الأمر بالعكس ، كالقيء والمدّة [١] والنخامة والبلاغم ، وأشدّ منها نفرة وقذارة ، والكافرة
التي في غاية الوجاهة والصفاء والنزاهة والنظافة بحيث كانت لها العشّاق الوالهون.
وبالجملة ، ما
ذكر بديهي لا يحتاج إلى الإثبات ، فعلى هذا فأيّ مانع من أن يكون حال الغسل لا
ينفعل مطلقا ، أعم من أن يكون بعد الانفصال ينفعل أم لا؟ كما عرفت.
بل لا مانع من
كون النجس يطهر ، كما هو الحال في حجر الاستنجاء ، وغيره من آلات الاستنجاء وغيرها
، مثل الأرض للتطهير ، كما سيجيء.
وإن أراد أنّه
ليس من العقل ، بل من النقل ، ففيه ما عرفت من حجر الاستنجاء وغيره ، فإن الحجر ما
لم يلاق الموضع الرطب لا يطهر ، وبمجرّد الملاقاة ينفعل إجماعا.
مع أنّه مرّ
أنّ بعض الأجسام لا تطهر في الاستنجاء [٢] ، وإن كانت مثل الحجر والكرسف ينظف ، بل لا بدّ من
تثليث الحجر وإن وقع النقاء قبله ، أو وقع النقاء من مسح أطرافه بالمسحات الثلاث
وأزيد ، وأنّه إن تعدّى النجاسة عن الموضع المعتاد قدر شعرة لا ينفع غير الماء ،
إلى غير ذلك.
فأيّ مانع من
أن يكون ما ينفعل منه بالملاقاة يطهر شرعا؟
مع أنّ الحكم
الشرعي لا يثبت إلّا من الأدلّة الخمسة ، ولم يدلّ شيء منها على ما ذكر ، فإنّ
غير الإجماع في غاية الوضوح ، وأمّا الإجماع فهو فيما إذا كان المطهّر نجسا سابقا
على الملاقاة.
[١]المدّة : ما
يجتمع في الجرح من القيح (لسان العرب : ٣ / ٣٩٩ ، مجمع البحرين : ٣ / ١٤٤).
[٢] راجع! الصفحة :
١٨٥ (المجلّد الثالث) من هذا الكتاب.