أنّ المسألة ممّا يعمّ به البلوى ، ويشتدّ به الحاجة ، فلو كان حراما لما اشتهر
في خلافه. ويكون هذا قرينة على عدم إرادة الحرمة ممّا هو ظاهر فيها في الأخبار ،
فتأمّل ، إذ كون ذلك إجماعا أو كافيا في القرينة الصارفة يحتاج إلى تأمّل كامل.
وكيف كان ، لا
شكّ في أنّ مقام العمل يختار الترك البتة.
وأمّا عدم
المنع من الركعتين في مسجد المدينة ، فيدلّ عليه ما رواه محمّد بن الفضل الهاشمي ،
عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : «ركعتان من السنّة ليس تصلّيان في موضع إلّا
بالمدينة» قال : «تصلّي في مسجد الرسول صلىاللهعليهوآله في العيد قبل أن يخرج إلى المصلّي ، ليس ذلك إلّا
بالمدينة لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله فعله» [١].
فظهر منها
استحبابهما أيضا ، مضافا إلى أنّ العبادة الصحيحة لا تخلو عن الرجحان ، والظاهر
أنّ الشهرة جابرة لضعف السند هنا حتّى أنّ ابن الجنيد ألحق مسجد مكّة وكلّ مكان
شريف بمسجد المدينة ومسجد الرسول صلىاللهعليهوآله ، وقال في الكلّ : يصلّي الركعتين فيه قبل الخروج وبعده
إذا كان يجتاز به ، واحتجّ على ذلك بمساواة مسجد الحرام لمسجد الرسول صلىاللهعليهوآله ، ومساواة الابتداء والرجوع [٢].
والظاهر أنّ
نظره إلى القياس ، لأنّه رحمهالله كان قائلا به ، وإن كان رجع عن القول به ، فجوابه واضح.
وأبو الصلاح
القائل بالحرمة استثنى مسجد الرسول صلىاللهعليهوآله صريحا [٣].
والظاهر أنّ من
شاركه وافقه في الاستثناء أيضا ، إذ في «المختلف» لم ينقل
[١]الكافي : ٣ /
٤٦١ الحديث ١١ ، من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣٢٢ الحديث ١٤٧٥ ، تهذيب الأحكام : ٣ / ١٣٨ الحديث
٣٠٨ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٤٣٠ الحديث ٩٧٧١.
[٢]نقل عنه
العلّامة في مختلف الشيعة : ٢ / ٢٦٨ و ٢٦٩.