مرّ في شرح قول
المصنّف رحمهالله : ([لا يكون السفر عمله] إلّا إذا جدّ به السير) ما
ذكرنا ممّا يشير إلى اعتبار الكثرة وقادحيّة إقامة العشرة [١] ، مثل صحيحة
هشام [٢] ، ورواية السندي بن الربيع [٣] ، الدالّتين على أنّ المكاري والجمّال يتمان ويصومان
إذا كانا يختلفان وليس لهما مقام لا مطلقا ، للتقييد بذلك ، ومفهوم القيد حجّة إذا
كان للاحتراز ، ولا يخفى أنّ المتبادر كونه للاحتراز هنا ، وحجّية هذا المفهوم لا
تأمّل فيه ، كما حقّقنا في محلّه.
مع أنّ
الاحتراز معناه أنّه بهذا القيد كذلك ، وأنّ التقييد لإخراج ما ليس كذلك في هذا
الحكم ، وهذا بعينه عبارة عن حجّية المفهوم.
وغير خفي أنّ
المتبادر من لفظ المقام ـ في أمثال المقام ـ مقام عشرة ، كما هو بناء الفقهاء في
كلّ موضع ، والمدار عليه في كلّ مقام.
ولهذا استشكل
الكلّ في رواية حمزة بن عبد الله الجعفري ، وتوجّهوا إلى توجيهها [٤].
وما ذكرناه ـ من
أنّ هذا الراوي لعلّه ما كان الظاهر عليه كون المقام في مكّة خصوص العشرة لكذا
وكذا ـ إنّما هو توجيه لرفع الإشكال ، والتوجيه هو ارتكاب خلاف ظاهر لرفع الإشكال
، وإلّا لم يكن توجيها ولا إشكالا.