ظالما [١] مفتريا على الله ، هالكا مهلكا [٢] ، إلى غير ذلك
ممّا ورد فيه ولا شكّ يعتريه ، فكيف يستأهل للفقاهة مع ما فيه من السفاهة؟ وكيف له
قابليّة الاجتهاد مع ما في قلبه من اللجاج والعناد؟
إذ بعد التنبيه
التام ، والمبالغة في إظهار ما هو أظهر من الشمس ، وإتمام الحجّة ، تراهم ينكرون
الإجماع مطلقا كما كانوا ينكرون ، ويقولون بانحصار مدرك الشرع في الآية والخبر كما
كانوا يقولون ، بل ويزيدون في اللجاج ، وينسبون جميع الفقهاء إلى سوء الفهم
والاعوجاج ، بل وإلى الحكم بغير ما أنزل الله والقياس ، والهلاك وإهلاك الناس ،
والبدعة ، ومتابعة العامّة ، أو مخالفة طريقة الشيعة ، وغير ما ذكر من الامور
الشنيعة.
وقلب المجتهد
لا بدّ أن يكون سالما عن المعايب ، وخاليا عن الشوائب ، مائلا عن الميل والانحراف
، سالكا سبيل الإنصاف.
ومن أنكر واحدا
من اصول الدين الخمسة لا يكون معذورا ، وإن كان نظريّا ، بل يستحقّ بذلك دخول
النار وخلودها ، فكيف من ينكر ما هو أظهر من الشمس ولا يقبل الاستتار ، يستأهل
للاجتهاد؟ سيّما وأن يصرّ في اللجاج والعناد ، هدانا الله سبيل الرشاد ، والصلاح
والسداد.
ثمّ إنّ بعضهم
ربّما يلجأهم جميع ما ذكرناه بعد المبالغة التامّة والإصرار وفي غاية الإكثار ،
إلى القول بوجود غير الآية والحديث ، وحصول العلم من غير جهتهما أيضا ، لكن يقول :
من أين هو الإجماع؟ إذ لعلّه شيء آخر.
فكنت أقول :
العلم بما ذكر ليس فطريّا بالبديهة ، بل العقل لا طريق له أصلا
[١] إشارة إلى قوله
تعالى (وَمَنْ
لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ)
المائدة (٥) : ٤٥.
[٢]لاحظ! الكافي :
١ / ٤٣ الحديث ٩ ، وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٩٢ الحديث ٣٣٥٧٠.