وآله انه قال : «ان
الميت ليعذب ببكاء الحي عليه». وفي روايه اخرى «ان الميت يعذب في قبره بالنياحة
عليه». وروى المغيرة بن شعبة عنه صلى الله عليه وآله انه قال : «من نيح عليه فإنه
يعذب بما يناح عليه»؟. (الجواب) : قلنا هذا الخبر منكر الظاهر لانه يقتضي اضافة
الظلم إلى الله تعالى ، وقد نزهت أدلة العقول التي لا يدخلها الاحتمال والاتساع
والمجاز الله تعالى عن الظلم وكل قبيح. وقد نزه الله تعالى نفسه بمحكم القول عن
ذلك فقال عزوجل : (ولا تزر وازرة وزر أخرى). ولابد من ان نصرف ما ظاهره بخلاف هذه
الادلة إلى ما يطابقها إن امكن ، أو نرده ونبطله. وقد روي عن ابن عباس في هذا
الخبر أنه قال وهل ابن عمر : انما مر رسول الله صلى الله عليه وآله على قبر يهودي
اهله يبكون عليه فقال انهم يبكون عليه وانه ليعذب. وقد روى انكار هذا الخبر عن
عائشة ايضا ، وأنها قالت لما خبرت بروايته : وهل ابو عبد الرحمن كما وهل يوم قليب
بدر ، انما قال (ع) ان اهل البيت الميت ليبكون عليه ، وانه ليعذب بجرمه. فهذا
الخبر مردود ومطعون عليه كما ترى. ومعنى قولهما : وهل : اي ذهب وهمه إلى غير
الصواب. يقال وهلت إلى الشئ أو هل وهلا : إذا ذهب وهمك إليه. ووهلت عنه أو هل وهلا
: إذا نسيته وغلطت فيه. ووهل الرجل يوهل وهلا : إذا فزع. والوهل : الفزع. وموضع
وهله في ذكر القليب أنه روي أن النبي صلى الله عليه وآله وقف على قليب بدر فقال : هل
وجدتم ما وعد ربكم حقا. ثم قال : إنهم ليسمعون ما أقول. فأنكر ذلك عليه ، وقيل
انما قال عليه السلام : أنهم الآن ليعلمون ان الذي كنت اقول لهم هو الحق. واستشهد
بقوله تعالى :(انك لا تسمع الموتى) ، ويمكن في الخبر إن كان صحيحا وجوه من
التأويل : اولها : انه إن وصى موص بأن يناح عليه ففعل ذلك بأمره ، فإنه يعذب
بالنياحة. وليس معنى يعذب بها أنه يؤاخذ بفعل النواح ، وانما معناه أنه يؤاخذ
بأمره بها ووصيته بفعلها ،