آل محمد صلى الله
عليه وآله وسلم ، واغترفوها من بحورهم ، سمعوها من أفواههم ، وأخذوها من شفاههم ،
فهي ديوان علمهم ، وعنوان حكمهم ، ألفت على عهدهم (٩٦٦) فكانت مرجع الشيعة من بعدهم
، وبها ظهر امتياز مذهب أهل البيت على غيره من مذاهب المسلمين ، فإنا لا نعرف أن
أحدا من مقلدي الائمة الاربعة مثلا ، ألف على عهدهم كتابا في أحد مذاهبهم ، وإنما
ألف الناس على مذاهبهم ، فأكثروا بعد انقضاء زمنهم (٩٦٧) وذلك حيث تقرر حصر
التقليد فيهم ، وقصر الامامة في الفروع عليهم ، وكانوا أيام حياتهم كسائر من
عاصرهم من الفقهاء والمحدثين ، لم يكن لهم امتياز على من كان في طبقتهم ، ولذلك لم
يكن على عهدهم من يهتم بتدوين أقوالهم ، اهتمام الشيعة بتدوين أقوال أئمتها
المعصومين ـ على رأيها ـ فإن الشيعة من أول نشأتها ، لا تبيح الرجوع في الدين إلى
غير أئمتها ، ولذلك عكفت هذا العكوف عليهم ، وانقطعت في أخذ معالم الدين إليهم ،
وقد بذلت الوسع والطاقة في تدوين كل ما شافهوها به ، واستفرغت الهمم والعزائم في
ذلك بما لا مزيد عليه ، حفظا للعلم الذي لا يصح ـ على رأيها ـ عند الله سواه ،
وحسبك ـ مما كتبوه أيام الصادق ـ تلك الاصول الاربع مئة ، وهي أربعمائة مصنف لاربع
مئة مصنف ، كتبت من فتاوى الصادق على عهده (٩٦٨)
[٩٦٦] الاصول
الاربعمائة وقد جمعت في الكتب الاربعة.
راجع : الذريعة ج٢
مادة (أصل) ، تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام ص ٢٧٨ ـ ٢٩١ ، الامام الصادق والمذاهب
الاربعة ج ١ ص ٥٤٦ ـ ٥٥٥.
[٩٦٧] راجع : الامام
الصادق والمذاهب الاربعة ج ١ ص ٣١٠ وج ٣ ص ١٩٤ وج ٤ ص ٤٧٤.
[٩٦٨] الذريعة إلى
تصانيف الشيعة ج٢ مادة (أصل) ط النجف ، تأسيس الشيعة لعلوم الاسلام ص ٢٧٨ ـ ٢٩١.