الحمد للّه الّذى انحسرت الأوصاف عن كنه
معرفته [٢]
، وردعت عظمته العقول فلم تجد مساغا إلى بلوغ غاية ملكوته ، هو اللّه الملك الحقّ
المبين ، أحقّ وأبين ممّا تراه العيون ، لم تبلغه العقول بتحديد فيكون مشبّها ، ولم
تقع عليه الأوهام بتقدير فيكون ممثّلا ، خلق الخلق على غير تمثيل ، ولا مشورة مشير
، ولا معونة معين ، فتمّ خلقه بأمره ، وأذعن لطاعته فأجاب ولم يدفع وانقاد ولم
ينازع.
ومن لطائف صنعته ، وعجائب حكمته ، ما
أرانا من غوامض الحكمة فى هذه الخفافيش الّتى يقبضها الضّياء الباسط لكلّ شىء ، ويبسطها
الظّلام القابض لكلّ حىّ ، وكيف عشيت أعينها [٣]
عن أن تستمدّ من الشّمس
[١] الخفاش : واحد
جمعه خفافيش ، وهو هذا الطائر الذى يطير ليلا ولا يطير نهارا ، وهو مأخوذ من الخفش
ـ بفتح الخاء والفاء جميعا ، وفعله مثل تعب ـ وهو صغر العينين وضعف البصر ، ويكون
خلقة ، وهو علة لازمة ، وصاحبه يبصر ليلا أكثر مما يبصر نهارا ، ويبصر يوم الغيم
أكثر مما يبصر يوم الصحو ، والذكر أخفش ، والأنثى خفشاء