نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 2 صفحه : 23
ومنها
: وإنّما الدّنيا منتهى بصر الأعمى [١] لا يبصر ممّا وراءها شيئا ، والبصير
ينفذها بصره ويعلم أنّ الدّار وراءها ، فالبصير منها شاخص ، والأعمى إليها شاخص ،
والبصير منها متزوّد ، والأعمى لها متزوّد.
ومنها
: واعلموا أن ليس من شىء إلاّ ويكاد
صاحبه أن يشبع منه ويملّه ، إلاّ الحياة فإنّه لا يجد له فى الموت راحة [٢] وإنّما ذلك بمنزلة الحكمة الّتى هى
حياة للقلب الميّت ، وبصر للعين العمياء ، وسمع للأذن الصّمّاء ، ورىّ للظّمآن ، وفيها
الغنى كلّه والسّلامة : كتاب اللّه تبصرون به ، وتنطقون به ، وتسمعون به ، وينطق
بعضه ببعض ، ويشهد بعضه على بعض ، ولا يختلف فى اللّه ، ولا يخالف بصاحبه عن
اللّه.
قد اصطلحتم على الغلّ فيما بينكم [٣] ونبت المرعى على دمنكم ، وتصافيتم
[١] يشير إلى أن من
يقصر نظره على الدنيا فكأنه لم يبصر شيئا ، فهو بمنزلة الأعمى
[٢] «لا يجد فى
الموت راحة» حيث لم يهيىء من العمل الصالح الباقى ما يكسبه السعادة بعد الموت. قال
: «وإنما ذلك» أى : شعور الانسان بخيفة ما بعد الموت ، بمنزلة حكمة واعظة تنبهه من
غفلة الغرور ، وتبعثه إلى خير العمل. ثم بعد بيانه لما يجده الانسان فى نفسه ـ من
خيفة ما وراء الموت ، ولما يرشد إليه ذلك ـ أخذ يبين الوسيلة الموصلة إلى النجاة
مما يخشاه القلب وتتوجس منه النفس ، وأنها التمسك بكتاب اللّه الذى بين أوصافه ، وبهذا
التفسير التأم الكلام ، واندفعت حيرة الشارحين فى هذا المقام. وقوله «كتاب ـ الخ» جملة
مستأنفة ، أى : هذا كتاب اللّه فيه ما تحتاجون إليه مماهدتكم الفطرة إلى طلبه