نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 2 صفحه : 170
ولو كانت الأنبياء أهل قوّة لا ترام ، وعزّة
لا تضام ، وملك تمتدّ نحوه أعناق الرّجال ، وتشدّ إليه عقد الرّحال ، لكان ذلك
أهون على الخلق فى الاعتبار [١]
، وأبعد لهم فى الاستكبار ، ولآمنوا عن رهبة قاهرة لهم ، أو رغبة مائلة بهم ، فكانت
النّيّات مشتركة ، والحسنات مقتسمة ، ولكنّ اللّه ـ سبحانه ـ أراد أن يكون
الاتّباع لرسله ، والتّصديق بكتبه ، والخشوع لوجهه ، والاستكانة لأمره ، والاستسلام
لطاعته ، أمورا له خاصّة لا يشوبها من غيرها شائبة وكلّما كانت البلوى والاختبار
أعظم ، كانت المثوبة والجزاء أجزل.
أ لا ترون أنّ اللّه سبحانه اختبر
الأوّلين من لدن آدم ، صلوات اللّه عليه ، إلى الآخرين من هذا العالم بأحجار لا
تضرّ ولا تنفع ، [٢]
ولا تسمع ولا تبصر.
[١] أى : أضعف
تأثيرا فى القلوب من جهة اعتبارها واتعاظها ، وأبعد للناس ـ أى : أشد : توغلا بهم
فى الاستكبار ـ لأن الأنبياء يكونون قدوة فى العظمة والكبرياء حينئذ. وقوله «فكانت
النيات مشتركة» أى : لأن الايمان لم يكن خالصا للّه ، بل أعظم الباعث عليه الرغبة
والرهبة
[٢] الأحجار : هى
الكعبة ، والنتائق : جمع نتيقة ، وهى البقاع المرتفعة. ومكة مرتفعة بالنسبة لما
انحط منها من البلدان ، والمدر : قطع الطين اليابس ، أو العلك الذى لا رمل فيه ، وأقل
الأرض مدرا لا ينبت إلا قليلا
نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 2 صفحه : 170