نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 2 صفحه : 165
فى حومة ذلّ ، وحلقة
ضيق ، وعرصة موت ، وجولة بلاء. فأطفئوا ما كمن فى قلوبكم من نيران العصبيّة ، وأحقاد
الجاهليّة ، فإنّما تلك الحميّة تكون فى المسلم من خطرات الشّيطان ونخواته ، ونزغاته
ونفثاته [١]
واعتمدوا وضع التّذلّل على رءوسكم ، وإلقاء التّعزّز تحت أقدامكم ، وخلع التّكبّر
من أعناقكم ، واتّخذوا التّواضع مسلحة [٢]
بينكم وبين عدوّكم : إبليس وجنوده فإنّ له من كلّ أمّة جنودا وأعوانا ، ورجلا وفرسانا.
ولا تكونوا كالمتكبّر على ابن أمّه من غير ما فضل جعله اللّه فيه سوى ما ألحقت
العظمة بنفسه من عداوة الحسد ، وقدحت الحميّة فى قلبه من نار الغضب ، ونفخ
الشّيطان فى أنفه من ريح الكبر الّذى أعقبه اللّه به النّدامة ، وألزمه آثام
القاتلين إلى يوم القيامة.
ألا وقد أمعنتم فى البغى [٣] ، وأفسدتم فى الأرض ، مصارحة للّه
بالمناصبة ، ومبارزة للمؤمنين بالمحاربة! فاللّه اللّه فى كبر الحميّة ، وفخر
الجاهليّة ، فانّه ملاقح الشّنآن [٤] ، ومنافخ الشّيطان ،
الّتى خدع بها الأمم الماضية ، والقرون الخالية ،
[١] النخوة : التكبر
والتعاظم. والنزغة : المرة من النزغ بمعنى الافساد. والنفثة : النفخة
[٢] المسلحة : الثغر
يدافع العدو عنده ، والقوم ذوو السلاح