نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 2 صفحه : 110
ومكارهه منها ، لتتّبعوا
هذه وتجتنبوا هذه ، فإنّ رسول اللّه ، صلّى اللّه عليه وآله وسلم ، كان يقول : «حفّت
الجنّة بالمكاره وحفّت النّار بالشّهوات». واعلموا أنّه ما من طاعة اللّه شىء إلاّ
يأتى فى كره [١]
، وما من معصية اللّه شىء إلاّ يأتى فى شهوة. فرحم اللّه رجلا نزع عن شهوته [٢] وقمع هوى نفسه ، فإنّ هذه النّفس أبعد
شىء منزعا ، وإنّها لا تزال تنزع إلى معصية فى هوى. واعلموا عباد اللّه أن المؤمن
لا يمسى ولا يصبح إلاّ ونفسه ظنون عنده [٣]
فلا يزال زاريا عليها ، ومستزيدا لها. فكونوا كالسّابقين قبلكم والماضين أمامكم ، قوّضوا
من الدّنيا تقويض الرّاحل [٤] ، وطووها طىّ
المنازل. واعلموا
[١] أى : لا شىء من
طاعة اللّه إلا وفيه مخالفة لهوى النفس البهيمية فتكره إتيانه ولا شىء من معصية
اللّه إلا وهو موافق لميل حيوانى فتشتهى النفوس إتيانه
[٢] نزع عنه : انتهى
وأقلع ، فان عدى بألى كان بمعنى : اشتاق ، و «أبعد منزعا» أى : نزوعا ، بمعنى
الانتهاء والكف عن المعاصى
[٣] ظنون ـ كصبور ـ :
هو الضعيف والقليل الحيلة ، فيريد أن المؤمن يظن فى نفسه النقص والتقصير فى الطاعة
، أو هو من البئر الظنون التى لا يدرى أفيها ماء أم لا ، فتكون هنا بمعنى متهمة ، فهو
لا يثق بنفسه إذا وسوست له بأنها أدت حق ما فرض عليها ، فالمؤمن هو الذى لا يصبح ولا
يمسى إلا على حذر من نفسه معتقدا فيها التقصير والتضجيع فى الطاعة ، غير قاطع
بصلاحها وسلامة عاقبتها ، وقوله «زاريا عليها» أى : عائبا ، تقول : زريت عليه أزرى
زراية ، مثل حكيت أحكى حكاية ، إذا عبته ، وكذلك تزرى عليه ، وقال أبو عمرو : الزارى
على الانسان : الذى لا يعده شيئا وينكر عليه فعله. وقوله «ومستزيدا» أى : طالبا
لها الزيادة من طيبات الأعمال
[٤] التقويض : نزع أعمدة
الخيمة وأطنابها ، والمراد أنهم ذهبوا بمساكنهم وطووا مدة الحياة كما يطوى المسافر
منازل سفره ، أى : مراحله ومسافاته
نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 2 صفحه : 110