اللّهمّ إنّى أعوذ بك من وعثاء السّفر [٣] ، وكآبة المنقلب ، وسوء المنظر فى
الأهل والمال. اللّهمّ أنت الصّاحب فى السّفر ، وأنت الخليفة فى الأهل ولا يجمعهما
غيرك ، لأنّ المستخلف لا يكون مستصحبا ، والمستصحب لا يكون مستخلفا.
٤٧
ـ ومن كلام له عليه السّلام
فى ذكر الكوفة
كأنّى بك يا كوفة تمدّين مدّ الأديم
العكاظىّ [٤] تعركين بالنّوازل ،
[٢] وذلك بعد حرب
الجمل حيث اختلف عليه معاوية بن أبى سفيان ، ولم يدخل فى بيعته ، وقام للمطالبة
بدم عثمان ، واستهوى أهل الشام ، واستنصرهم لرأيه فعززوه على الخلاف ، وسار اليه
أمير المؤمنين ، والتقيا بصفين ، واقتتلا مدة غير قصيرة ، وانتهى القتال بتحكيم
الحكمين : عمرو بن العاص ، وأبى موسى الأشعرى.
[٣] الوعثاء : المشقة
، والكآبة : الحزن. والمنقلب : مصدر بمعنى الرجوع ، وأول الكلام مروى عن رسول
اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فى الكتب الصحيحة ، وأتمه أمير المؤمنين بقوله : «ولا
يجمعهما غيرك ـ الخ». وذات اللّه تستوى عندها الأمكنة كما تستوى الأزمنة : فالحضر
والسفر عندها سواء ، وليس هذا الشأن لغير الذات الأقدس.
[٤] العكاظى : نسبة إلى
عكاظ كغراب ـ وهو سوق كانت تقيمه العرب فى صحراء بين نخلة والطائف ، يجتمعون اليه
من بداية شهر ذى القعدة ليتعاكظوا ـ أى : يتفاخروا ـ كل بما لديه من فضيلة وأدب ،
ويستمر إلى عشرين يوما ، وليتبايعوا أيضا ، وأكثر ما كان يباع الأديم بتلك السوق
فنسب اليها ، والأديم : الجلد المدبوغ ، وجمعه أدم ـ بفتحتين ، وضمتين ـ ، وآدمة ـ
كأرغفة ـ وقوله «تمدين ـ الخ» : تصوير لما ينالها من العسف والخبط ، و «تعركين» : من
«عركتهم الحرب» إذا مارستهم ، والنوازل : الشدائد ، والزلازل : المزعجات من الخطوب
نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 1 صفحه : 92