نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 1 صفحه : 45
قال الشريف : أقول :
إنّ فى هذا الكلام الأدنى من مواقع الإحسان ما لا تبلغه مواقع الاستحسان ، وإنّ
حظّ العجب منه أكثر من حظّ العجب به ، وفيه ـ مع الحال الّتي وصفنا ـ زوائد من
الفصاحة لا يقوم بها لسان ، ولا يطّلع فجّها إنسان [١] ، ولا يعرف ما أقول إلاّ من ضرب فى هذه
الصّناعة بحقّ ، وجرى فيها على عرق [٢]
«وَمٰا
يَعْقِلُهٰا إِلاَّ اَلْعٰالِمُونَ»
ومن هذه الخطبة
شغل من الجنّة والنّار أمامه [٣] ساع سريع نجا [٤] ،
وطالب بطىء رجا ،
[١] «لا يطلع» من
قولهم : اطلع الأرض ، أى : بلغها ، والفج : الطريق الواسع بين جبلين فى قبل من
أحدهما
[٢] العرق : الأصل ،
أى : سلك فى العمل بصناعة الفصاحة والصدور عن ملكتها على أصولها وقواعدها
[٣] «شغل» مبنى
للمجهول نائب فاعله من ، والجنة والنار مبتدأ خبره أمامه ، والجملة صلة من ، أى : كفى
شاغلا أن تكون الجنة والنار أمامك ومن كانت أمامه الجنة والنار ـ على ما وصف اللّه
سبحانه ـ فحرى به أن تنفد أوقاته جميعها فى الاعداد للجنة والابتعاد عما عساه يؤدى
إلى النار.
[٤] يقسم الناس الى
ثلاثة أقسام : الأول : الساعى إلى ما عند اللّه السريع فى سعيه ، وهو الواقف عند
حدود الشريعة لا يشغله فرضها عن نفلها ، ولا شاقها عن سهلها. والثانى : الطالب
البطىء له قلب تعمره الخشية ، وله ميل إلى الطاعة ، لكن ربما قعد به عن السابقين
ميل إلى الراحة فيكتفى من العمل بفرضه ، وربما انتظر به غير وقته ، وينال من الرخص
حظه ، وربما كانت له هفوات ، ولشهوته نزوات على أنه رجاع إلى ربه ، كثير الندم على
ذنبه ، فذلك الذى خلط عملا صالحا وآخر سيئا فهو يرجو أن يغفر له. والقسم الثالث : المقصر
، وهو الذى حفظ الرسم ونسى الاسم ، وقال بلسانه إنه مؤمن ، وربما شارك الناس فيما
يأتون من أعمال ظاهرة كصوم وصلاة وما شابههما ، وظن أن ذلك كل ما يطلب منه ، ثم لا
تورده شهوته
نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 1 صفحه : 45