نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 1 صفحه : 43
قد عادت كهيئتها يوم
بعث اللّه نبيّكم صلّى اللّه عليه وسلّم [١]
والّذى بعثه بالحقّ لتبلبلنّ بلبلة ، ولتغربلنّ غربلة ولتساطنّ سوط القدر [٢] حتّى يعود أسفلكم أعلاكم وأعلاكم
أسفلكم ، وليسبقنّ سابقون كانوا قصّروا ، وليقصّرنّ سبّاقون كانوا سبقوا [٣] واللّه ما كتمت وشمة [٤] ولا
كذبت كذبة ،
إنما كانت بما كسبوا
من ظلم وعدوان وما لبسوا من جهل وفساد أحوال ، ملكته التقوى وهى التحفظ من الوقوع
فيما جلب تلك العقوبات لأهلها فمنعته عن تقحم الشبهات والتردى فيها ، فان الشبهة
مظنة الخطيئة ، والخطيئة مجلبة العقوبة.
[١] إن بلية العرب
التى كانت محيطة بهم يوم بعث اللّه نبيه محمدا صلّى اللّه عليه وسلم هى بلية
الفرقة ، ومحنة الشتات : حيث كانوا متباغضين متنافرين ، يدعو كل إلى عصبيته ، وينادى
نداء عشيرته ، يضرب بعضهم رقاب بعض ، فتلك الحالة التى هى مهلكة الأمم قد صاروا
إليها بعد مقتل عثمان : بعثت العداوات التى كان قد قتلها الدين ، ونفخت روح
الشحناء بين الأمويين والهاشميين وأتباع كل ، ولا حول ولا قوة إلا باللّه.
[٢] «لتبلبلن» أى : لتخلطن
من نحو «تبلبلت الألسن» اختلطت ، «ولتغربلن» أى : لتقطعن من : غربلت اللحم ، أى : قطعته
و «لتساطن» من السوط ، وهو أن تجعل شيئين فى الاناء وتضربهما بيدك حتى يختلطا. وقوله
«سوط القدر» أى : كما تختلط الأبزار ونحوها فى القدر عند غليانه فينقلب أعلاها
أسفلها وأسفلها أعلاها ، وكل ذلك حكاية عما يؤولون إليه من الاختلاف وتقطع الأرحام
وفساد النظام.
[٣] ولقد سبق معاوية
إلى مقام الخلافة وقد كان فى قصوره عنه بحيث لا يظن وصوله إليه ، وقصر آل بيت
النبوة عن بلوغه وقد كانوا أسبق الناس إليه.
[٤] الوشمة : الكلمة ، وقد
كان رضى اللّه عنه لا يكتم شيئا يحوك بنفسه : كان أمارا بالمعروف ، نهاء عن المنكر
، لا يحابى ، ولا يدارى ، ولا يكذب ، ولا يداجى وهذا القسم توطئة لقوله : ولقد
نبئت بهذا المقام ، أى : أنه قد أخبر من قبل على لسان النبى صلّى اللّه عليه وسلم
بأن سيقوم هذا المقام ويأتى عليه يوم مثل هذا اليوم
نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 1 صفحه : 43