نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 1 صفحه : 211
وجعلت فيها مأدبة [١] : مشربا ، ومطعما ، وأزواجا ، وخدما ،
وقصورا ، وأنهارا ، وزروعا ، وثمارا ، ثمّ أرسلت داعيا يدعو إليها ، فلا الدّاعى
أجابوا ، ولا فيما رغبت إليه رغبوا ، ولا إلى ما شوّقت إليه اشتاقوا أقبلوا على
جيفة افتضحوا بأكلها ، واصطلحوا على حبّها ، ومن عشق شيئا أعشى بصره [٢] وأمرض قلبه ، فهو ينظر بعين غير صحيحة
، ويسمع بأذن غير سميعة ، قد خرقت الشّهوات عقله ، وأماتت الدّنيا قلبه ، وولهت
عليها نفسه فهو عبد لها ، ولمن فى يده شىء منها : حيثما زالت زال إليها ، وحيثما
أقبلت أقبل عليها ، ولا يزدجر من اللّه بزاجر ، ولا يتّعظ منه بواعظ ، وهو يرى
المأخوذين على الغرّة [٣]
ـ حيث لا إقالة ولا رجعة ـ كيف نزل بهم ما كانوا يجهلون ، وجاءهم من فراق الدّنيا
ما كانوا يأمنون ، وقدموا من الآخرة على ما كانوا يوعدون ، فغير موصوف ما نزل بهم
، اجتمعت عليهم سكرة الموت وحسرة الفوت ، ففترت لها أطرافهم ، وتغيّرت لها ألوانهم
، ثمّ ازداد الموت فيهم ولوجا [٤] فحيل بين أحدهم وبين
منطقه ، وإنّه لبين أهله ينظر ببصره ، ويسمع بأذنه ـ على صحّة من عقله ، وبقاء من
لبّه ـ يفكّر فيم أفنى عمره ،
[١] المادبة ـ بفتح
الدال ، وضمها ـ : ما يصنع من الطعام للمدعوين فى عرس ونحوه ، والمراد منها الجنة