نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 1 صفحه : 162
إذ جبهت معترفة
بأنّه لا ينال بحور الاعتساف كنه معرفته [١]
ولا تخطر ببال أولى الرّويّات خاطرة من تقدير جلال عزّته [٢] الّذى ابتدع الخلق على غير مثال امتثله
[٣] ولا مقدار
احتذى عليه ، من خالق معهود كان قبله ، وأرانا من ملكوت قدرته ، وعجائب ما نطقت به
آثار حكمته ، واعتراف الحاجة من الخلق إلى أن يقيمها بمساك [٤] قوّته
، ما دلّنا باضطرار قيام الحجّة له على معرفته ، وظهرت فى البدائع الّتى أحدثها
آثار صنعته وأعلام حكمته ، فصار كلّ ما خلق حجّة له ودليلا عليه ، وإن كان خلقا
صامتا فحجّته بالتّدبير ناطقة ، ودلالته على المبدع قائمة. وأشهد أنّ من شبّهك
بتباين أعضاء خلقك ، وتلاحم
[١] الجور : العدول
عن الطريق ، والاعتساف : سلوك غير جادة. وسلوك العقول فى أى طريق طلبا لاكتناه
ذاته ، وللوقوف على ما لم يكلف الوقوف عليه من كيفية صفاته ، يعد جورا أو عدولا عن
الجادة ، فان العقول الحادثة ليس فى طبيعتها ما يؤهلها للاحاطة بالحقائق الأزلية ،
اللهم إلا ما دلت عليه الآثار ، وذلك هو الوصف الذى جاء فى الكتاب والسنة ، و «كنه
معرفته» نائب فاعل «ينال»
[٣] ابتدع الخلق : أوجده
من العدم المحض على غير مثال سابق «امتثله» أى : حاذاه و «لا مقدار سابق احتذى
عليه» أى : قاس وطبق عليه ، وكان ذلك المثال أو المقدار من خالق معروف سبقه
بالخلقة ، أى : لم يقتد بخالق آخر فى شىء من الخلقة ، إذ لا خالق سواه
[٤] المساك ـ كسحاب ، ويكسر
ـ ما به يمسك الشىء كالملاك ما به يملك «إِنَّ اَللّٰهَ
يُمْسِكُ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَاَلْأَرْضَ أَنْ تَزُولاٰ»
وقد جعل الحاجة الظاهرة من المخلوقات
نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 1 صفحه : 162