نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 1 صفحه : 150
الحزن ، وتجلبب
الخوف ، [١]
فزهر مصباح الهدى فى قلبه ، وأعدّ القرى ليومه النّازل به ، [٢] فقرّب على نفسه البعيد ، وهوّن الشّديد
[٣] : نظر فأبصر
، وذكر فاستكثر ، [٤] وارتوى من عذب فرات
سهلت له موارده فشرب نهلا ، [٥] وسلك سبيلا جددا ، [٦] قد
خلع سرابيل الشّهوات ، وتخلّى من الهموم إلاّ همّا واحدا انفرد به [٧] فخرج من صفة العمى ، ومشاركة أهل الهوى
، وصار من مفاتيح أبواب الهدى ، ومغاليق أبواب الرّدى ، قد أبصر
[١] استشعر : لبس
الشعار ، وهو ما يلى البدن من اللباس ، وتجلبب : لبس الجلباب ، وهو ما يكون فوق
جميع الثياب ، والحزن : العجز عن الوفاء بالواجب ، أو قلبى لا يظهر له أثر فى
العمل الظاهر. أما الخوف فيظهر أثره فى البعد عما يغضب اللّه ، والمبادرة للعمل
فيما يرضيه ، وذلك أثر ظاهر ، وزهر مصباح الهدى : تلألأ وأضاء
[٢] القرى ـ بالكسر
ـ : ما يهيأ للضيف ، وهو هنا العمل الصالح يهيئه للقاء الموت وحلول الأجل
[٣] جعل الموت على
بعده قريبا منه فعمل له ولذلك هان عليه الصبر عن اللذائذ الفانية ، والأخذ بالجد
فى إحراز الفضائل السامية ، وذلك هو الشديد
[٤] ذكر اللّه فاستكثر
من العمل فى رضاه ، والعذب والفرات : مترادفان
[٥] النهل : أول الشرب ،
والمراد أخذ حظا لا يحتاج معه إلى العمل ، وهو الشرب الثانى ، وقال ابن أبى الحديد
: «يجوز أن يكون أراد بقوله نهلا المصدر من نهل ينهل نهلا ـ مثل طرب يطرب طربا ـ أى
، شرب حتى روى ، ويجوز أن يريد بالنهل الشرب الأول خاصة ، ويريد أنه اكتفى بما
شربه أولا فلم يحتج إلى العلل» اه ببعض إيضاح.
[٦] الجدد ـ بالتحريك ـ :
الأرض الغليظة ، أى : الصلبة المستوية ، ومثلها يسهل السير فيه.