عباد اللّه ، إنّ أنصح النّاس لنفسه أطوعهم لربّه ، وإنّ أغشّهم لنفسه أعصاهم لربّه ، والمغبون من غبن نفسه [١] والمغبوط من سلم له دينه [٢] والسّعيد من وعظ بغيره ، والشّقىّ من انخدع لهواه. واعلموا أنّ يسير الرّياء شرك [٣] ، ومجالسة أهل الهوى منساة للإيمان [٤] ومحضرة للشّيطان. جانبوا الكذب فإنّه مجانب للإيمان ، الصّادق على شرف منجاة وكرامة ، والكاذب على شفا مهواة ومهانة ، ولا تحاسدوا فإنّ الحسد يأكل الإيمان كما تأكل النّار الحطب ، ولا تباغضوا فإنّها الحالقة [٥] واعلموا أنّ الأمل يسهى العقل ، وينسى الذّكر [٦] فأكذبوا الأمل فإنّه غرور ، وصاحبه مغرور.
٨٥ ـ ومن خطبة له عليه السّلام
عباد اللّه ، إنّ من أحبّ عباد اللّه إليه عبدا أعانه اللّه على نفسه فاستشعر
[١] المغبون : المخدوع
[٢] والمغبوط : المستحق لتطلع النفوس إليه ، والرغبة فى نيل مثل نعمته
[٣] الرياء : أن تعمل ليراك الناس ، وقلبك غير راغب فيه
[٤] «منساة للايمان» : موضع لنسيانه ، وداعية الذهول عنه ، و «محضرة للشيطان» : مكان لحضوره ، وداع له
[٥] «فانها» أى : المباغضة «الحالقة» أى الماحية لكل خير وبركة.
[٦] الأمل الذى يذهل العقل وينسى ذكر اللّه وأوامره ونواهيه : هو استقرار النفس على ما وصلت إليه غير ناظرة إلى تغير الأحوال ، ولا آخذة بالحزم فى الأعمال