نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 1 صفحه : 140
وخصيما [١] أوصيكم بتقوى اللّه الّذى أعذر بما
أنذر ، واحتجّ بما نهج [٢]
وحذّركم عدوّا نفذ فى الصّدور خفيّا ، ونفث فى الآذان نجيّا [٣] فأضلّ وأردى ووعد فمنّى ، وزيّن سيّئات
الجرائم ، وهوّن موبقات العظائم ، حتّى إذا استدرج قرينته [٤] ،
واستغلق رهينته ، أنكر ما زيّن [٥] ، واستعظم ما هوّن وحذّر
ما أمّن.
ومنها فى صفة خلق الانسان :
أم هذا الّذى أنشأه فى ظلمات الأرحام [٦] وشغف
الأستار ، نطفة دهاقا [٧]
[١] الكتاب : القرآن
، و «حجيجا وخصيما» أى : مقنعا لمن خالفه بأنه قد جلب الهلاك على نفسه ، وقد يراد
من الكتاب ما أحصى من الأعمال على العامل إذا عرض عليه يوم الحساب.
[٢] أعذر بما أنذر ،
«ما» مصدرية ، أعذر : أى سلب عذر المعتذر بانذاره إياه بعواقب العمل ، وقامت له
الحجة على الضالين بما نهج ووضح من طرق الخير والفضيلة
[٣] ذلك العدو هو
الشيطان ، و «نفذ فى الصدور ـ الخ» : تمثيل لدقة مجارى وسوسته فى الأنفس ، فهو
فيما يسوله يجرى مجرى الأنفاس ، ويسلك بما يأتى من مسالك الأصدقاء كأنه نجى يسارك
، وينفث فى أذنك بما تظنه خيرا لك ، وأردى أهلك ، و «وعد فمنى» أى : صور الأمانى
كذبا
[٤] القرينة : النفس
التى يقارنها بالوسوسة ، واستدرجها : أنزلها من درجة الرشد إلى درجته من الضلالة ،
واستغلق الرهن : جعله بحيث لا يمكن تخليصه
[٥] «أنكر
ـ الخ» بيان لعمل الشيطان وبراءته ممن أغواه عند ما تحق كلمة العذاب
[٦] «أم»
بمعنى بل الانتقالية ، بعد ما بين وصف الشيطان انتقل لبيان صفة الانسان. و «شغف
الأستار» : جمع شغاف ـ مثل سحاب وسحب ـ وهو فى الأصل غلاف القلب ، استعاره للمشيمة