نام کتاب : نهج البلاغة - ط مطبعة الإستقامة نویسنده : عبده، محمد جلد : 1 صفحه : 136
عمرها ، بأبدان
قائمة بأرفاقها [١]
وقلوب رائدة لأرزاقها ، فى مجلّلات نعمه [٢]
وموجبات مننه ، وحواجز عافية ، وقدّر لكم أعمارا سترها عنكم ، وخلّف لكم عبرا من
آثار الماضين قبلكم ، من مستمتع خلاقهم ، ومستفسح خناقهم أرهقتهم المنايا دون
الآمال ، وشذّ بهم عنها تخرّم الآجال ، لم يمهدوا فى سلامة الأبدان ، ولم يعتبروا
فى أنف الأوان [٣]
، فهل ينتظر أهل بضاضة الشّباب إلاّ حوانى الهرم؟ وأهل غضارة الصّحّة إلاّ نوازل
السّقم؟ وأهل مدّة البقاء إلاّ آونة الفناء [٤] مع قرب الزّيال [٥] وأزوف
الانتقال ، وعلز القلق ، وألم المضض ، وغصص الحرض ، وتلفّت الاستغاثة بنصرة الحفدة
والأقرباء
حال من الأعضاء
وملاءمة الأعضاء للجهات التى وضعت فيها : أن يكون العضو فى تلك الجهة أنفع منه فى
غيرها : فتكون العين فى موضعها المعروف أنفع من كونها فى قمة الرأس مثلا. وقوله
«تركيب صورها» أى : آتية فى صورها المركبة ، كما تقول ركب فى سلاحه ، أى : متسلحا
[١] الأرفاق جمع رفق
ـ بالكسر ـ : المنفعة ، أو ما يستعان به عليها ، و «رائدة» أى : طالبة
[٢] مجللات ـ على
صيغة اسم الفاعل ـ من «جلله» بمعنى غطاه ، أى : غامرات نعمه ، يقولون : سحاب مجلل
، أى : يطبق الأرض
[٣] الخلاق : النصيب
الوافر من الخير ، والخناق ـ بالفتح ـ : حبل يخنق به ، وبالضم : داء يمتنع معه
نفوذ النفس. وأرهقتهم : أعجلتهم ، وأنف ـ بضمتين ـ يقال : أمر أنف ، أى : مستأنف
لم يسبق به قدر. والأنف أيضا : المشية الحسنة ، وتقدير الكلام : خلف لكم عبرا من
القرون الماضية : منها تمتعهم بنصيبهم من الدنيا ثم فناؤهم ، ومنها فسحة خناقهم وطول
إمهالهم ثم كانت عاقبتهم الهلكة