ولَكِنَّ اللَّه سُبْحَانَه يَبْتَلِي خَلْقَه بِبَعْضِ مَا يَجْهَلُونَ أَصْلَه ـ تَمْيِيزاً بِالِاخْتِبَارِ لَهُمْ ونَفْياً لِلِاسْتِكْبَارِ عَنْهُمْ ـ وإِبْعَاداً لِلْخُيَلَاءِ مِنْهُمْ.
طلب العبرة
فَاعْتَبِرُوا بِمَا كَانَ مِنْ فِعْلِ اللَّه بِإِبْلِيسَ ـ إِذْ أَحْبَطَ [٢٥٢٦] عَمَلَه الطَّوِيلَ وجَهْدَه الْجَهِيدَ ـ وكَانَ قَدْ عَبَدَ اللَّه سِتَّةَ آلَافِ سَنَةٍ ـ لَا يُدْرَى أَمِنْ سِنِي الدُّنْيَا أَمْ مِنْ سِنِي الآخِرَةِ ـ عَنْ كِبْرِ سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ ـ فَمَنْ ذَا بَعْدَ إِبْلِيسَ يَسْلَمُ عَلَى اللَّه بِمِثْلِ مَعْصِيَتِه ـ كَلَّا مَا كَانَ اللَّه سُبْحَانَه لِيُدْخِلَ الْجَنَّةَ بَشَراً ـ بِأَمْرٍ أَخْرَجَ بِه مِنْهَا مَلَكاً ـ إِنَّ حُكْمَه فِي أَهْلِ السَّمَاءِ وأَهْلِ الأَرْضِ لَوَاحِدٌ ـ ومَا بَيْنَ اللَّه وبَيْنَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِه هَوَادَةٌ [٢٥٢٧] ـ فِي إِبَاحَةِ حِمًى حَرَّمَه عَلَى الْعَالَمِينَ.
التحذير من الشيطان
فَاحْذَرُوا عِبَادَ اللَّه عَدُوَّ اللَّه أَنْ يُعْدِيَكُمْ بِدَائِه [٢٥٢٨] ـ وأَنْ يَسْتَفِزَّكُمْ [٢٥٢٩] بِنِدَائِه وأَنْ يُجْلِبَ عَلَيْكُمْ بِخَيْلِه ورَجِلِه [٢٥٣٠] ـ فَلَعَمْرِي لَقَدْ فَوَّقَ [٢٥٣١] لَكُمْ سَهْمَ الْوَعِيدِ ـ وأَغْرَقَ [٢٥٣٢] إِلَيْكُمْ بِالنَّزْعِ [٢٥٣٣] الشَّدِيدِ ـ ورَمَاكُمْ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ ـ فَقَالَ (رَبِّ بِما أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ ـ ولأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) ـ قَذْفاً بِغَيْبٍ بَعِيدٍ ورَجْماً بِظَنٍّ غَيْرِ مُصِيبٍ ـ صَدَّقَه بِه أَبْنَاءُ الْحَمِيَّةِ وإِخْوَانُ الْعَصَبِيَّةِ ـ وفُرْسَانُ الْكِبْرِ