خَلْقِه ـ وجَعَلَهُمَا حِمًى [٢٥٢٢] وحَرَماً عَلَى غَيْرِه ـ واصْطَفَاهُمَا [٢٥٢٣] لِجَلَالِه.
رأس العصيان
وجَعَلَ اللَّعْنَةَ عَلَى مَنْ نَازَعَه فِيهِمَا مِنْ عِبَادِه ـ ثُمَّ اخْتَبَرَ بِذَلِكَ مَلَائِكَتَه الْمُقَرَّبِينَ ـ لِيَمِيزَ الْمُتَوَاضِعِينَ مِنْهُمْ مِنَ الْمُسْتَكْبِرِينَ ـ فَقَالَ سُبْحَانَه وهُوَ الْعَالِمُ بِمُضْمَرَاتِ الْقُلُوبِ ـ ومَحْجُوبَاتِ الْغُيُوبِ (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ ـ فَإِذا سَوَّيْتُه ونَفَخْتُ فِيه مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَه ساجِدِينَ ـ فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ) ـ اعْتَرَضَتْه الْحَمِيَّةُ فَافْتَخَرَ عَلَى آدَمَ بِخَلْقِه ـ وتَعَصَّبَ عَلَيْه لأَصْلِه ـ فَعَدُوُّ اللَّه إِمَامُ الْمُتَعَصِّبِينَ وسَلَفُ الْمُسْتَكْبِرِينَ ـ الَّذِي وَضَعَ أَسَاسَ الْعَصَبِيَّةِ ونَازَعَ اللَّه رِدَاءَ الْجَبْرِيَّةِ ـ وادَّرَعَ لِبَاسَ التَّعَزُّزِ وخَلَعَ قِنَاعَ التَّذَلُّلِ.
أَلَا تَرَوْنَ كَيْفَ صَغَّرَه اللَّه بِتَكَبُّرِه ـ ووَضَعَه بِتَرَفُّعِه فَجَعَلَه فِي الدُّنْيَا مَدْحُوراً ـ وأَعَدَّ لَه فِي الآخِرَةِ سَعِيراً؟!
ابتلاء اللَّه لخلقه
ولَوْ أَرَادَ اللَّه أَنْ يَخْلُقَ آدَمَ مِنْ نُورٍ ـ يَخْطَفُ الأَبْصَارَ ضِيَاؤُه ويَبْهَرُ الْعُقُولَ رُوَاؤُه [٢٥٢٤] ـ وطِيبٍ يَأْخُذُ الأَنْفَاسَ عَرْفُه [٢٥٢٥] لَفَعَلَ ـ ولَوْ فَعَلَ لَظَلَّتْ لَه الأَعْنَاقُ خَاضِعَةً ـ ولَخَفَّتِ الْبَلْوَى فِيه عَلَى الْمَلَائِكَةِ.