احتجاجه ع في أشياء شتى من علوم الدين و ذكر طرف من مواعظه البليغة
جَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ إِلَى عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ع فَقَالَ يَا عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ إِنَّ جَدَّكَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَتَلَ الْمُؤْمِنِينَ فَهَمَلَتْ عَيْنَا عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ دُمُوعاً حَتَّى امْتَلَأَتْ كَفُّهُ مِنْهَا ثُمَّ ضَرَبَ بِهَا عَلَى الْحَصَى ثُمَّ قَالَ يَا أَخَا أَهْلِ الْبَصْرَةِ لَا وَ اللَّهِ مَا قَتَلَ عَلِيٌّ مُؤْمِناً وَ لَا قَتَلَ مُسْلِماً وَ مَا أَسْلَمَ الْقَوْمُ وَ لَكِنِ اسْتَسْلَمُوا وَ كَتَمُوا الْكُفْرَ وَ أَظْهَرُوا الْإِسْلَامَ فَلَمَّا وَجَدُوا عَلَى الْكُفْرِ أَعْوَاناً أَظْهَرُوهُ وَ قَدْ عَلِمَتْ صَاحِبَةُ الْجَدْبِ وَ الْمُسْتَحْفَظُونَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ص أَنَّ أَصْحَابَ الْجَمَلِ وَ أَصْحَابَ صِفِّينَ وَ أَصْحَابَ النَّهْرَوَانِ لُعِنُوا عَلَى لِسَانِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِ وَ قَدْ خابَ مَنِ افْتَرى فَقَالَ شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يَا عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ إِنَّ جَدَّكَ كَانَ يَقُولُ إِخْوَانُنَا بَغَوْا عَلَيْنَا فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع أَ مَا تَقْرَأُ كِتَابَ اللَّهِ- وَ إِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً فَهُمْ مِثْلُهُمْ أَنْجَى اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ هُوداً وَ الَّذِينَ مَعَهُ وَ أَهْلَكَ عَاداً بِالرِّيحِ الْعَقِيمِ.
وَ بِالْإِسْنَادِ الْمُقَدَّمِ ذِكْرُهُ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ ع كَانَ يَذْكُرُ حَالَ مَنْ مَسَخَهُمُ اللَّهُ قِرَدَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَ يَحْكِي قِصَّتَهُمْ فَلَمَّا بَلَغَ آخِرَهَا قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى مَسَخَ أُولَئِكَ الْقَوْمَ لِاصْطِيَادِهِمُ السَّمَكَ فَكَيْفَ تَرَى عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ يَكُونُ حَالُ مَنْ قَتَلَ أَوْلَادَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ هَتَكَ حَرِيمَهُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى وَ إِنْ لَمْ يَمْسَخْهُمْ فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ الْمُعَدَّ لَهُمْ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ أَضْعَافُ أَضْعَافِ عَذَابِ الْمَسْخِ فَقِيلَ لَهُ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَإِنَّا قَدْ سَمِعْنَا مِنْكَ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَ لَنَا بَعْضُ النُّصَّابِ فَإِنْ كَانَ قُتِلَ الْحُسَيْنُ بَاطِلًا فَهُوَ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ صَيْدِ السَّمَكِ فِي السَّبْتِ أَ فَمَا كَانَ اللَّهُ غَضِبَ عَلَى قَاتِلِيهِ كَمَا غَضِبَ عَلَى صَيَّادِي السَّمَكِ؟ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع قُلْ لِهَؤُلَاءِ النُّصَّابِ فَإِنْ كَانَ إِبْلِيسُ مَعَاصِيهِ أَعْظَمَ مِنْ مَعَاصِي مَنْ كَفَرَ بِإِغْوَائِهِ فَأَهْلَكَ اللَّهُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ كَقَوْمِ نُوحٍ وَ فِرْعَوْنَ وَ لَمْ يُهْلِكْ إِبْلِيسَ وَ هُوَ أَوْلَى بِالْهَلَاكِ فَمَا بَالُهُ أَهْلَكَ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَصُرُوا عَنْ إِبْلِيسَ فِي عَمَلِ الْمُوبِقَاتِ وَ أَمْهَلَ إِبْلِيسَ مَعَ إِيثَارِهِ لِكَشْفِ الْمُحَرَّمَاتِ أَ مَا كَانَ رَبُّنَا عَزَّ وَ جَلَّ حَكِيماً تَدْبِيرُهُ حِكْمَةً فِيمَنْ أَهْلَكَ وَ فِيمَنِ اسْتَبْقَى؟ فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ الصَّائِدُونَ فِي السَّبْتِ وَ هَؤُلَاءِ الْقَاتِلُونَ لِلْحُسَيْنِ يَفْعَلُ فِي الْفَرِيقَيْنِ مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ أَوْلَى بِالصَّوَابِ وَ الْحِكْمَةِ لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَ عِبَادُهُ يُسْئَلُونَ وَ قَالَ الْبَاقِرُ ع فَلَمَّا حَدَّثَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ع بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ فِي مَجْلِسِهِ يَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ كَيْفَ يُعَاقِبُ اللَّهُ وَ يُوَبِّخُ هَؤُلَاءِ الْأَخْلَافَ عَلَى قَبَائِحَ أَتَاهَا أَسْلَافُهُمْ وَ هُوَ يَقُولُ وَ لا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى؟ فَقَالَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ ع إِنَّ الْقُرْآنَ نَزَلَ بِلُغَةِ الْعَرَبِ فَهُوَ يُخَاطِبُ فِيهِ أَهْلَ اللِّسَانِ بِلُغَتِهِمْ يَقُولُ