فَقَالَ زَيْنُ الْعَابِدِينَ ع بِصَوْتٍ ضَئِيلٍ وَ قَدْ نَهَكَتْهُ الْعِلَّةُ إِنَّ هَؤُلَاءِ يَبْكُونَ عَلَيْنَا فَمَنْ قَتَلَنَا غَيْرَهُمْ؟ فَأَوْمَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع إِلَى النَّاسِ بِالسُّكُوتِ قَالَ حِذْيَمٌ الْأَسَدِيُّ لَمْ أَرَ وَ اللَّهِ خَفِرَةً قَطُّ أَنْطَقَ مِنْهَا كَأَنَّهَا تَنْطِقُ وَ تُفْرِغُ عَلَى لِسَانِ عَلِيٍّ ع وَ قَدْ أَشَارَتْ إِلَى النَّاسِ بِأَنْ أَنْصِتُوا فَارْتَدَّتِ الْأَنْفَاسُ وَ سَكَنَتِ الْأَجْرَاسُ ثُمَّ قَالَتْ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى وَ الصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِهِ ص أَمَّا بَعْدُ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ يَا أَهْلَ الْخَتْلِ[1] وَ الْغَدْرِ وَ الْخَذْلِ أَلَا فَلَا رَقَأَتِ الْعَبْرَةُ[2] وَ لَا هَدَأَتِ الزَّفْرَةُ إِنَّمَا مَثَلُكُمْ كَمَثَلِ الَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً[3] تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ[4]- هَلْ فِيكُمْ إِلَّا الصَّلَفُ[5] وَ الْعُجْبُ وَ الشَّنَفُ[6] وَ الْكَذِبُ وَ مَلَقُ الْإِمَاءِ وَ غَمْزُ الْأَعْدَاءِ[7] أَوْ كَمَرْعًى عَلَى دِمْنَةٍ[8] أَوْ كَفِضَّةٍ عَلَى مَلْحُودَةٍ[9] أَلَا بِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وَ فِي الْعَذَابِ أَنْتُمْ خَالِدُونَ أَ تَبْكُونَ أَخِي أَجَلْ وَ اللَّهِ فَابْكُوا فَإِنَّكُمْ أَحْرَى بِالْبُكَاءِ فَابْكُوا كَثِيراً وَ اضْحَكُوا قَلِيلًا فَقَدْ أَبْلَيْتُمْ بِعَارِهَا وَ مَنَيْتُمْ بِشَنَارِهَا[10] وَ لَنْ تَرْحَضُوهَا أَبَداً[11] وَ أَنَّى تَرْحَضُونَ قُتِلَ سَلِيلُ خَاتَمِ النُّبُوَّةِ وَ مَعْدِنِ الرِّسَالَةِ وَ سَيِّدُ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَ مَلَاذُ حَرْبِكُمْ وَ مَعَاذُ حِزْبِكُمْ وَ مَقَرُّ سِلْمِكُمْ وَ آسِي كَلْمِكُمْ[12] وَ مَفْزَعُ نَازِلَتِكُمْ وَ الْمَرْجِعُ إِلَيْهِ عِنْدَ مُقَاتَلَتِكُمْ- وَ مَدَرَةُ حُجَجِكُمْ[13] وَ مَنَارُ مَحَجَّتِكُمْ أَلَا سَاءَ مَا قَدَّمَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ وَ سَاءَ مَا تَزِرُونَ لِيَوْمِ بَعْثِكُمُ فَتَعْساً تَعْساً وَ نَكْساً نَكْساً لَقَدْ خَابَ السَّعْيُ وَ تَبَّتِ الْأَيْدِي وَ خَسِرَتِ الصَّفْقَةُ وَ بُؤْتُمْ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ* وَ ضُرِبَتْ عَلَيْكُمُ الذِّلَّةُ وَ الْمَسْكَنَةُ أَ تَدْرُونَ وَيْلَكُمْ أَيَّ كَبِدٍ لِمُحَمَّدٍ ص فَرَثْتُمْ وَ أَيَّ عَهْدٍ نَكَثْتُمْ وَ أَيَّ كَرِيمَةٍ لَهُ أَبْرَزْتُمْ وَ أَيَّ حُرْمَةٍ لَهُ هَتَكْتُمْ وَ أَيَّ دَمٍ لَهُ سَفَكْتُمْ لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَ تَنْشَقُّ الْأَرْضُ
[1] الختل: الخداع.
[2] رقأت: جفت.
[3] أي: حلته و افسدته بعد ابرام.
[4] أي: خيانة و خديعة.
[5] الصلف: الذي يمتدح بما ليس عنده.
[6] الشنف: البغض بغير حق.
[7] الغمز: الطعن و العيب.
[8] الدمنة: المزبلة.
[9] الفضة: الجص و الملحودة القبر.
[10] الشنار العار.
[11] أي: لن تغسلوها.
[12] أي: دواء جرحكم.
[13] المدرة: زعيم القوم و لسانهم المتكلم عنهم.