وَ قُلْتُ لِعَلِيٍّ ع حِينَ يُغَسِّلُ رَسُولَ اللَّهِ ص إِنَّ الْقَوْمَ فَعَلُوا كَذَا وَ كَذَا وَ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ السَّاعَةَ لَعَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ ص وَ مَا يَرْضَى النَّاسُ أَنْ يُبَايِعُوا لَهُ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ إِنَّهُمْ لَيُبَايِعُونَ بِيَدَيْهِ جَمِيعاً يَمِيناً وَ شِمَالًا فَقَالَ عَلِيٌّ ع يَا سَلْمَانُ- فَهَلْ تَدْرِي مَنْ أَوَّلُ مَنْ يُبَايِعُهُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ ص؟
فَقُلْتُ لَا إِلَّا أَنِّي قَدْ رَأَيْتُهُ فِي ظُلَّةِ بَنِي سَاعِدَةَ حِينَ خَصَمَتِ الْأَنْصَارُ وَ كَانَ أَوَّلَ مَنْ بَايَعَهُ بَشِيرُ بْنُ سَعْدٍ ثُمَّ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ ثُمَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ثُمَّ سَالِمٌ مَوْلَى أَبِي حُذَيْفَةَ وَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ قَالَ لَسْتُ أَسْأَلُكَ عَنْ هَذَا وَ لَكِنْ تَدْرِي مَنْ أَوَّلُ مَنْ بَايَعَهُ حِينَ صَعِدَ مِنْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ ص؟ قُلْتُ لَا وَ لَكِنِّي رَأَيْتُ شَيْخاً كَبِيراً مُتَوَكِّئاً عَلَى عَصَاهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ سَجَّادَةٌ شَدِيدُ التَّشْمِيرِ وَ هُوَ يَبْكِي وَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي وَ لَمْ يُخْرِجْنِي مِنَ الدُّنْيَا حَتَّى رَأَيْتُكَ فِي هَذَا الْمَكَانِ ابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ فَبَسَطَ يَدَهُ فَبَايَعَهُ ثُمَّ نَزَلَ فَخَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ فَقَالَ لِي عَلِيٌّ ع يَا سَلْمَانُ وَ هَلْ تَدْرِي مَنْ هُوَ؟ قُلْتُ لَا وَ لَكِنِّي سَاءَتْنِي مَقَالَتُهُ كَأَنَّهُ شَامِتٌ بِمَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ ص قَالَ عَلِيٌّ إِنَّ ذَلِكَ إِبْلِيسُ لَعَنَهُ اللَّهُ أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ أَنَّ إِبْلِيسَ وَ رُؤَسَاءَ أَصْحَابِهِ شَهِدُوا نَصْبَ رَسُولِ اللَّهِ ص إِيَّايَ بِغَدِيرِ خُمٍّ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَأَخْبَرَهُمْ أَنْ يُبَلِّغَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ فَأَتَاهُ أَبَالِسَةٌ وَ مَرَدَةُ أَصْحَابِهِ فَقَالُوا إِنَّ هَذِهِ أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ مَعْصُومَةٌ وَ مَا لَنَا وَ لَا لَكَ عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ قَدْ عَلِمُوا إِمَامَهُمْ وَ مَفْزَعَهُمْ بَعْدَ نَبِيِّهِمْ- فَانْطَلَقَ إِبْلِيسُ كَئِيباً حَزِيناً فَأَخْبَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ ص أَنْ لَوْ قَدْ قُبِضَ أَنَّ النَّاسَ سَيُبَايِعُونَ أَبَا بَكْرٍ فِي ظُلَّةِ بَنِي سَاعِدَةَ بَعْدَ أَنْ تُخَاصِمَهُمْ بِحَقِّكَ وَ حُجَّتِكَ ثُمَّ يَأْتُونَ الْمَسْجِدَ فَيَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُبَايِعُهُ عَلَى مِنْبَرِي إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ شَيْخٍ كَبِيرٍ مُسْتَبْشِرٍ يَقُولُ كَذَا وَ كَذَا ثُمَّ تَجْتَمِعُ شَيَاطِينُهُ وَ أَبَالِسَتُهُ فَيَخِرُّ وَ يَكْسَعُ[1] ثُمَّ يَقُولُ كَذَا زَعَمْتُمْ أَنْ لَيْسَ لِي عَلَيْهِمْ سَبِيلٌ فَكَيْفَ رَأَيْتُمُونِي صَنَعْتُ بِهِمْ حِينَ تَرَكُوا أَمْرَ مَنْ أَمَرَهُمُ اللَّهُ بِطَاعَتِهِ وَ أَمَرَهُمْ رَسُولُهُ؟
فَقَالَ سَلْمَانُ فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ حَمَلَ عَلِيٌّ فَاطِمَةَ عَلَى حِمَارٍ وَ أَخَذَ بِيَدِ ابْنَيْهِ الْحَسَنِ وَ الْحُسَيْنِ فَلَمْ يَدَعْ أَحَداً مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَ لَا مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَّا أَتَى مَنْزِلَهُ وَ ذَكَرَ حَقَّهُ وَ دَعَاهُ إِلَى نُصْرَتِهِ فَمَا اسْتَجَابَ لَهُ مِنْ جَمِيعِهِمْ إِلَّا أَرْبَعَةٌ وَ أَرْبَعُونَ رَجُلًا فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُصْبِحُوا بُكْرَةً مُحَلِّقِينَ رُءُوسَهُمْ مَعَهُمْ سِلَاحُهُمْ وَ قَدْ بَايَعُوهُ عَلَى الْمَوْتِ فَأَصْبَحَ وَ لَمْ يُوَافِهِ مِنْهُمْ أَحَدٌ غَيْرُ أَرْبَعَةٍ- قُلْتُ لِسَلْمَانَ مَنِ الْأَرْبَعَةُ؟
قَالَ أَنَا وَ أَبُو ذَرٍّ وَ الْمِقْدَادُ وَ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ
[1] يكسع: يضرب دبره بيده أو بصدر قدمه.