ثُمَّ أَتَاهُمْ مِنَ اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ فَنَاشَدَهُمُ اللَّهَ فَقَالُوا نَصْحَبُكَ بُكْرَةً فَمَا مِنْهُمْ أَحَدٌ وَفَى غَيْرُنَا ثُمَّ اللَّيْلَةَ الثَّالِثَةَ فَمَا وَفَى أَحَدٌ غَيْرُنَا فَلَمَّا رَأَى عَلِيٌّ ع غَدْرَهُمْ وَ قِلَّةَ وَفَائِهِمْ لَزِمَ بَيْتَهُ- وَ أَقْبَلَ عَلَى الْقُرْآنِ يُؤَلِّفُهُ وَ يَجْمَعُهُ فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى جَمَعَهُ كُلَّهُ فَكَتَبَهُ عَلَى تَنْزِيلِهِ وَ النَّاسِخِ وَ الْمَنْسُوخِ فَبَعَثَ إِلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ أَنِ اخْرُجْ فَبَايِعْ فَبَعَثَ إِلَيْهِ إِنِّي مَشْغُولٌ فَقَدْ آلَيْتُ بِيَمِينٍ أَنْ لَا أَرْتَدِيَ بِرِدَاءٍ إِلَّا لِلصَّلَاةِ حَتَّى أُؤَلِّفَ الْقُرْآنَ وَ أَجْمَعَهُ فَجَمَعَهُ فِي ثَوْبٍ وَ خَتَمَهُ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى النَّاسِ وَ هُمْ مُجْتَمِعُونَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَنَادَى ع بِأَعْلَى صَوْتِهِ أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي لَمْ أَزَلْ مُنْذُ قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ ص مَشْغُولًا بِغُسْلِهِ ثُمَّ بِالْقُرْآنِ حَتَّى جَمَعْتُهُ كُلَّهُ فِي هَذَا الثَّوْبِ فَلَمْ يُنْزِلِ اللَّهُ عَلَى نَبِيِّهِ آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ إِلَّا وَ قَدْ جَمَعْتُهَا كُلَّهَا فِي هَذَا الثَّوْبِ- وَ لَيْسَتْ مِنْهُ آيَةٌ إِلَّا وَ قَدْ أَقْرَأَنِيهَا رَسُولُ اللَّهِ ص وَ عَلَّمَنِي تَأْوِيلَهَا فَقَالُوا لَا حَاجَةَ لَنَا بِهِ عِنْدَنَا مِثْلُهُ- ثُمَّ دَخَلَ بَيْتَهُ فَقَالَ عُمَرُ لِأَبِي بَكْرٍ أَرْسِلْ إِلَى عَلِيٍّ فَلْيُبَايِعْ فَإِنَّا لَسْنَا فِي شَيْءٍ حَتَّى يُبَايِعَ وَ لَوْ قَدْ بَايَعَ أَمِنَّاهُ وَ غَائِلَتَهُ فَأَرْسَلَ أَبُو بَكْرٍ رَسُولًا أَنْ أَجِبْ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ ص فَأَتَاهُ الرَّسُولُ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ عَلِيٌّ ع مَا أَسْرَعَ مَا كَذَبْتُمْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ص إِنَّهُ لَيَعْلَمُ وَ يَعْلَمُ الَّذِينَ حَوْلَهُ أَنَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لَمْ يَسْتَخْلِفَا غَيْرِي فَذَهَبَ الرَّسُولُ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَهُ فَقَالَ اذْهَبْ فَقُلْ أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَبَا بَكْرٍ فَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ عَلِيٌّ ع سُبْحَانَ اللَّهِ وَ اللَّهِ مَا طَالَ الْعَهْدُ بِالنَّبِيِّ مِنِّي وَ إِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الِاسْمَ لَا يَصْلُحُ إِلَّا لِي وَ قَدْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ ص سَابِعَ سَبْعَةٍ فَسَلَّمُوا عَلَيَّ بِإِمْرَةِ الْمُؤْمِنِينَ فَاسْتَفْهَمَهُ هُوَ وَ صَاحِبُهُ عُمَرُ مِنْ بَيْنِ السَّبْعَةِ فَقَالا أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ؟ فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ ص نَعَمْ حَقّاً مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِنَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَ سَيِّدُ الْمُسْلِمِينَ وَ صَاحِبُ لِوَاءِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِينَ يُقْعِدُهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى الصِّرَاطِ فَيُدْخِلُ أَوْلِيَاءَهُ الْجَنَّةَ وَ أَعْدَاءَهُ النَّارَ قَالَ فَانْطَلَقَ الرَّسُولُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَأَخْبَرَهُ بِمَا قَالَ فَكَفُّوا عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَلَمَّا كَانَ اللَّيْلُ حَمَلَ فَاطِمَةَ ع عَلَى حِمَارٍ ثُمَّ دَعَاهُمْ إِلَى نُصْرَتِهِ فَمَا اسْتَجَابَ لَهُ رَجُلٌ غَيْرُنَا أَرْبَعَةً- فَإِنَّا حَلَقْنَا رُءُوسَنَا وَ بَذَلْنَا نُفُوسَنَا وَ نُصْرَتَنَا وَ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع لَمَّا رَأَى خِذْلَانَ النَّاسِ لَهُ وَ تَرْكَهُمْ نُصْرَتَهُ وَ اجْتِمَاعَ كَلِمَةِ النَّاسِ مَعَ أَبِي بَكْرٍ وَ طَاعَتَهُمْ لَهُ وَ تَعْظِيمَهُمْ لَهُ جَلَسَ فِي بَيْتِهِ فَقَالَ عُمَرُ لِأَبِي بَكْرٍ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تَبْعَثَ إِلَيْهِ فَيُبَايِعَ فَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ أَحَدٌ إِلَّا وَ قَدْ بَايَعَ غَيْرَهُ وَ غَيْرَ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ مَعَهُ وَ كَانَ أَبُو بَكْرٍ أَرَقَّ الرَّجُلَيْنِ وَ أَرْفَقَهُمَا وَ أَدْهَاهُمَا وَ أَبْعَدَهُمَا غَوْراً وَ الْآخَرُ أَفَظَّهُمَا وَ أَغْلَظَهُمَا وَ أَخْشَنَهُمَا وَ أَجْفَاهُمَا فَقَالَ مَنْ نُرْسِلُ إِلَيْهِ؟ فَقَالَ عُمَرُ أَرْسِلْ إِلَيْهِ قُنْفُذاً وَ كَانَ رَجُلًا فَظّاً غَلِيظاً جَافِياً مِنَ