أَصْلُها ثابِتٌ وَ فَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها أَيْ يُظْهِرُ مِثْلَ هَذَا الْعِلْمِ لِمُحْتَمِلِيهِ فِي الْوَقْتِ بَعْدَ الْوَقْتِ وَ جَعَلَ أَعْدَاءَهَا أَهْلَ الشَّجَرَةِ الْمَلْعُونَةِ الَّذِينَ حَاوَلُوا إِطْفَاءَ نُورِ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَ لَوْ عَلِمَ الْمُنَافِقُونَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ تَرْكِ هَذِهِ الْآيَاتِ الَّتِي بَيَّنْتُ لَكَ تَأْوِيلَهَا لَأَسْقَطُوهَا مَعَ مَا أَسْقَطُوا مِنْهُ وَ لَكِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ اسْمُهُ مَاضٍ حُكْمُهُ بِإِيجَابِ الْحُجَّةِ عَلَى خَلْقِهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى- فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ أَغْشَى أَبْصَارَهُمْ وَ جَعَلَ عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً* عَنْ تَأَمُّلِ ذَلِكَ فَتَرَكُوهُ بِحَالِهِ وَ حُجِبُوا عَنْ تَأْكِيدِهِ الْمُلْتَبَسِ بِإِبْطَالِهِ فَالسُّعَدَاءُ ينهون [يَتَثَبَّتُونَ] عَلَيْهِ وَ الْأَشْقِيَاءُ يَعْمَوْنَ عَنْهُ وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ذِكْرُهُ لِسَعَةِ رَحِمَتِهِ وَ رَأْفَتِهِ بِخَلْقِهِ وَ عِلْمِهِ بِمَا يُحْدِثُهُ الْمُبَدِّلُونَ مِنْ تَغْيِيرِ كِتَابِهِ قَسَّمَ كَلَامَهُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ فَجَعَلَ قِسْماً مِنْهُ يَعْرِفُهُ الْعَالِمُ وَ الْجَاهِلُ وَ قِسْماً لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا مَنْ صَفَا ذِهْنُهُ وَ لَطُفَ حِسُّهُ وَ صَحَّ تَمْيِيزُهُ مِمَّنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ قِسْماً لَا يَعْرِفُهُ إِلَّا اللَّهُ وَ أُمَنَاؤُهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ وَ إِنَّمَا فَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ لِئَلَّا يَدَّعِيَ أَهْلُ الْبَاطِلِ مِنَ الْمُسْتَوْلِينَ عَلَى مِيرَاثِ رَسُولِ اللَّهِ ص مِنْ عِلْمِ الْكِتَابِ مَا لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُمْ وَ لِيَقُودَهُمُ الِاضْطِرَارُ إِلَى الِايتِمَارِ لِمَنْ وَلَّاهُ أَمْرَهُمْ فَاسْتَكْبَرُوا عَنْ طَاعَتِهِ تَعَزُّزاً[1] وَ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- وَ اغْتِرَاراً بِكَثْرَةِ مَنْ ظَاهَرَهُمْ وَ عَاوَنَهُمْ وَ عَانَدَ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ وَ رَسُولَهُ فَأَمَّا مَا عَلِمَهُ الْجَاهِلُ وَ الْعَالِمُ مِنْ فَضْلِ رَسُولِ اللَّهِ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَ قَوْلُهُ إِنَّ اللَّهَ وَ مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً وَ لِهَذِهِ الْآيَةِ ظَاهِرٌ وَ بَاطِنٌ فَالظَّاهِرُ قَوْلُهُ صَلُّوا عَلَيْهِ وَ الْبَاطِنُ قَوْلُهُ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً أَيْ سَلِّمُوا لِمَنْ وَصَّاهُ وَ اسْتَخْلَفَهُ وَ فَضَّلَهُ عَلَيْكُمْ وَ مَا عَهِدَ بِهِ إِلَيْهِ تَسْلِيماً وَ هَذَا مِمَّا أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا مَنْ لَطُفَ حِسُّهُ وَ صَفَا ذِهْنُهُ وَ صَحَّ تَمْيِيزُهُ وَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ سَلامٌ عَلى آلِ ياسِينَ لِأَنَّ اللَّهَ سَمَّى بِهِ النَّبِيَّ ص حَيْثُ قَالَ- يس وَ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ. إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ- لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُمْ يُسْقِطُونَ قَوْلَ اللَّهِ سَلَامٌ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا أَسْقَطُوا غَيْرَهُ وَ مَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص يَتَأَلَّفُهُمْ وَ يُقَرِّبُهُمْ وَ يُجْلِسُهُمْ عَنْ يَمِينِهِ وَ شِمَالِهِ حَتَّى أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَ جَلَّ فِي إِبْعَادِهِمْ بِقَوْلِهِ- وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا وَ بِقَوْلِهِ فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ. عَنِ الْيَمِينِ وَ عَنِ الشِّمالِ عِزِينَ. أَ يَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ. كَلَّا إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ وَ كَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ- يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ وَ لَمْ يَسُمِّ بِأَسْمَائِهِمْ وَ أَسْمَاءِ آبَائِهِمْ وَ أُمَّهَاتِهِمْ وَ أَمَّا قَوْلُهُ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ فَإِنَّمَا أُنْزِلَتْ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا دِينَهُ لِأَنَّ مِنَ الْمُحَالِ أَنْ يَهْلِكَ مِنْهُ كُلُّ شَيْءٍ وَ يَبْقَى الْوَجْهُ هُوَ أَجَلُّ وَ أَكْرَمُ وَ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ إِنَّمَا يَهْلِكُ مَنْ لَيْسَ مِنْهُ أَ لَا تَرَى أَنَّهُ قَالَ كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ وَ يَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ- فَفَصَلَ بَيْنَ خَلْقِهِ وَ وَجْهِهِ-
[1] أي تمنعا و تمردا.