هَذَا لَا يُؤْذِيكَ وَ لَا يَخِيسُكَ[1] وَ لَكِنَّهُ تَلْزَمُكَ حِمْيَةٌ مِنَ اللَّحْمِ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً ثُمَّ يُزِيلُ صُفَارَكَ فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع قَدْ ذَكَرْتَ نَفْعَ هَذَا الدَّوَاءِ لِصُفَارِي فَهَلْ تَعْرِفُ شَيْئاً يَزِيدُ فِيهِ وَ يَضُرُّهُ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ بَلَى حَبَّةٌ مِنْ هَذَا وَ أَشَارَ إِلَى دَوَاءٍ مَعَهُ وَ قَالَ إِنْ تَنَاوَلَهُ إِنْسَانٌ وَ بِهِ صُفَارٌ أَمَاتَهُ مِنْ سَاعَتِهِ وَ إِنْ كَانَ لَا صُفَارَ بِهِ صَارَ بِهِ صُفَارٌ حَتَّى يَمُوتَ فِي يَوْمِهِ فَقَالَ عَلِيٌّ ع فَأَرِنِي هَذَا الضَّارَّ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ فَقَالَ لَهُ كَمْ قَدْرُ هَذَا قَالَ قَدْرُهُ مِثْقَالَيْنِ سَمٌّ نَاقِعٌ قَدْرُ كُلِّ حَبَّةٍ مِنْهُ يَقْتُلُ رَجُلًا فَتَنَاوَلَهُ عَلِيٌّ ع فَقَمَحَهُ[2] وَ عَرِقَ عَرَقاً خَفِيفاً وَ جَعَلَ الرَّجُلُ يَرْتَعِدُ وَ يَقُولُ فِي نَفْسِهِ الْآنَ أُوخَذُ بِابْنِ أَبِي طَالِبٍ وَ يُقَالُ قَتَلْتَهُ وَ لَا يُقْبَلُ مِنِّي قَوْلِي إِنَّهُ هُوَ الْجَانِي عَلَى نَفْسِهِ فَتَبَسَّمَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ع وَ قَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَصَحُّ مَا كُنْتُ بَدَناً الْآنَ لَمْ يَضُرَّنِي مَا زَعَمْتَ أَنَّهُ سَمٌّ ثُمَّ قَالَ فَغَمِّضْ عَيْنَيْكَ فَغَمَّضَ ثُمَّ قَالَ افْتَحْ عَيْنَيْكَ فَفَتَحَ وَ نَظَرَ إِلَى وَجْهِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ع فَإِذَا هُوَ أَبْيَضُ أَحْمَرُ مُشْرَبٌ حُمْرَةً فَارْتَعَدَ الرَّجُلُ لِمَا رَآهُ وَ تَبَسَّمَ عَلِيٌّ ع وَ قَالَ أَيْنَ الصُّفَارُ الَّذِي زَعَمْتَ أَنَّهُ بِي؟
فَقَالَ وَ اللَّهِ لَكَأَنَّكَ لَسْتَ مَنْ رَأَيْتُ قَبْلُ كُنْتَ مضارا [مُصْفَارّاً]- فَإِنَّكَ الْآنَ مُوَرَّدٌ فَقَالَ عَلِيٌّ ع فَزَالَ عَنِّي الصُّفَارُ الَّذِي تَزْعُمُ أَنَّهُ قَاتِلِي وَ أَمَّا سَاقَايَ هَاتَانِ وَ مَدَّ رِجْلَيْهِ وَ كَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ فَإِنَّكَ زَعَمْتَ أَنِّي أَحْتَاجُ إِلَى أَنْ أَرْفُقَ بِبَدَنِي فِي حَمْلِ مَا أَحْمِلُ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَنْقَصِفَ السَّاقَانِ[3] وَ أَنَا أُرِيكَ أَنَّ طِبَّ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ عَلَى خِلَافِ طِبِّكَ وَ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى أُسْطُوَانَةِ خَشَبٍ عَظِيمَةٍ عَلَى رَأْسِهَا سَطْحُ مَجْلِسِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَ فَوْقَهُ حُجْرَتَانِ إِحْدَاهُمَا فَوْقَ الْأُخْرَى وَ حَرَّكَهَا فَاحْتَمَلَهَا فَارْتَفَعَ السَّطْحُ وَ الْحِيطَانُ وَ فَوْقَهُمَا الْغُرْفَتَانِ فَغُشِيَ عَلَى الْيُونَانِيِّ فَقَالَ عَلِيٌّ ع صُبُّوا عَلَيْهِ مَاءً فَصَبُّوا عَلَيْهِ مَاءً فَأَفَاقَ وَ هُوَ يَقُولُ وَ اللَّهِ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ عَجَباً فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ ع هَذِهِ قُوَّةُ السَّاقَيْنِ الدَّقِيقَيْنِ وَ احْتِمَالُهُمَا أَ فِي طِبِّكَ هَذَا يَا يُونَانِيُّ فَقَالَ الْيُونَانِيُّ أَ مِثْلَكَ كَانَ مُحَمَّدٌ؟
فَقَالَ عَلِيٌّ ع وَ هَلْ عِلْمِي إِلَّا مِنْ عِلْمِهِ وَ عَقْلِي إِلَّا مِنْ عَقْلِهِ وَ قُوَّتِي إِلَّا مِنْ قُوَّتِهِ وَ لَقَدْ أَتَاهُ ثَقَفِيٌّ وَ كَانَ أَطَبَّ الْعَرَبِ فَقَالَ لَهُ إِنْ كَانَ بِكَ جُنُونٌ دَاوَيْتُكَ-
[1] أي لا ينقصك كناية عن عدم النفع.
[2] قمحت السويق- بالكسر إذا سففته.
[3] أي: تنكسر.