أَنْتَ الْإِمَامُ الَّذِي نَرْجُو بِطَاعَتِهِ
يَوْمَ النُّشُورِ مِنَ الرَّحْمَنِ رِضْوَاناً
أَوْضَحْتَ مِنْ دِينِنَا مَا كَانَ مُلْتَبِساً
جَزَاكَ رَبُّكَ عَنَّا فِيهِ إِحْسَاناً
وَ لَيْسَ مَعْذِرَةٌ فِي فِعْلِ فَاحِشَةٍ
قَدْ كُنْتُ رَاكِبَهَا فِسْقاً وَ عِصْيَاناً
كَلَّا وَ لَا قَائِلًا نَاهِيهِ أَوْقَعَهُ
فِيهِ عَبَدْتُ إِذاً يَا قَوْمِ شَيْطَاناً
وَ لَا أَحَبَّ وَ لَا شَاءَ الْفُسُوقَ وَ لَا
قَتَلَ الْوَلِيَّ لَهُ ظُلْماً وَ عُدْوَاناً
أَنَّى يُحِبُّ وَ قَدْ صَحَّتْ عَزِيمَتُهُ
عَلَى الَّذِي قَالَ أَعْلِنْ ذَاكَ إِعْلَاناً
.
وَ رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ فَمَا الْقَضَاءُ وَ الْقَدَرُ الَّذِي ذَكَرْتَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟
قَالَ الْأَمْرُ بِالطَّاعَةِ وَ النَّهْيُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَ التَّمْكِينُ مِنْ فِعْلِ الْحَسَنَةِ وَ تَرْكِ الْمَعْصِيَةِ وَ الْمَعُونَةُ عَلَى الْقُرْبَةِ إِلَيْهِ وَ الْخِذْلَانُ لِمَنْ عَصَاهُ وَ الْوَعْدُ وَ الْوَعِيدُ وَ التَّرْغِيبُ وَ التَّرْهِيبُ كُلُّ ذَلِكَ قَضَاءُ اللَّهِ فِي أَفْعَالِنَا وَ قَدَرُهُ لِأَعْمَالِنَا- وَ أَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا تَظُنَّهُ فَإِنَّ الظَّنَّ لَهُ مُحْبِطٌ لِلْأَعْمَالِ فَقَالَ الرَّجُلُ فَرَّجْتَ عَنِّي يَا امِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَرَّجَ اللَّهُ عَنْكَ.
وَ رُوِيَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْقَضَاءِ وَ الْقَدَرِ فَقَالَ لَا تَقُولُوا وَكَلَهُمُ اللَّهُ عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَتُوَهِّنُوهُ وَ لَا تَقُولُوا أَجْبَرَهُمْ عَلَى الْمَعَاصِي فَتُظَلِّمُوهُ وَ لَكِنْ قُولُوا الْخَيْرُ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ وَ الشَّرُّ بِخِذْلَانِ اللَّهِ وَ كُلٌّ سَابِقٌ فِي عِلْمِ اللَّهِ.
وَ رَوَى أَهْلُ السِّيَرِ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ خَبِّرْنِي عَنِ اللَّهِ أَ رَأَيْتَهُ حِينَ عَبَدْتَهُ؟
فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لَمْ أَكُ بِالَّذِي أَعْبُدُ مَنْ لَمْ أَرَهُ فَقَالَ لَهُ كَيْفَ رَأَيْتَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟
فَقَالَ لَهُ يَا وَيْلَكَ لَمْ تَرَهُ الْعُيُونُ بِمُشَاهَدَةِ الْعِيَانِ وَ لَكِنْ رَأَتْهُ الْعُقُولُ بِحَقَائِقِ الْإِيمَانِ مَعْرُوفٌ بِالدَّلَالاتِ مَنْعُوتٌ بِالْعَلَامَاتِ لَا يُقَاسُ بِالنَّاسِ وَ لَا يُدْرَكُ بِالْحَوَاسِّ فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ وَ هُوَ يَقُولُ اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ.
وَ رُوِيَ أَنَّ بَعْضَ الْأَحْبَارِ جَاءَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ أَنْتَ خَلِيفَةُ نَبِيِّ هَذِهِ الْأُمَّةِ؟ فَقَالَ نَعَمْ قَالَ فَإِنَّا نَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ أَنَّ خُلَفَاءَ الْأَنْبِيَاءِ أَعْلَمُ أُمَمِهِمْ- فَخَبِّرْنِي عَنِ اللَّهِ أَيْنَ هُوَ؟ أَ فِي السَّمَاءِ أَمْ فِي الْأَرْضِ؟
فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ فِي السَّمَاءِ عَلَى الْعَرْشِ قَالَ الْيَهُودِيُّ فَأَرَى الْأَرْضَ خَالِيَةً مِنْهُ وَ أَرَاهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فِي مَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ هَذَا كَلَامُ الزَّنَادِقَةِ اعْزُبْ عَنِّي[1] وَ إِلَّا قَتَلْتُكَ فَوَلَّى الرَّجُلُ مُتَعَجِّباً يَسْتَهْزِئُ بِالْإِسْلَامِ فَاسْتَقْبَلَهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فَقَالَ لَهُ يَا يَهُودِيُّ قَدْ عَرَفْتُ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ وَ مَا أُجِبْتَ بِهِ وَ إِنَّا نَقُولُ إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ أَيَّنَ الْأَيْنَ فَلَا أَيْنَ لَهُ وَ جَلَّ عَنْ أَنْ يَحْوِيَهُ مَكَانٌ وَ هُوَ فِي كُلِّ مَكَانٍ بِغَيْرِ مُمَاسَّةٍ
[1] عزب: غاب و خفي فهو« عازب».