وَ كُلُّ أَهْلٍ لَهُ قُرْبَى وَ مَنْزِلَةٌ
عِنْدَ الْإِلَهِ عَلَى الْأَدْنَيْنَ مُقْتَرِبٌ
أَبْدَتْ رِجَالٌ لَنَا نَجْوَى صُدُورِهِمْ[1]
لَمَّا مَضَيْتَ وَ حَالَتْ دُونَكَ التُّرْبُ
تَجَهَّمَتْنَا رِجَالٌ وَ اسْتُخِفَّ بِنَا
لَمَّا فُقِدْتَ وَ كُلُّ الْأَرْضِ مُغْتَصَبٌ
وَ كُنْتَ بَدْراً وَ نُوراً يُسْتَضَاءُ بِهِ
عَلَيْكَ يَنْزِلُ مِنْ ذِي الْعِزَّةِ الْكُتُبُ
وَ كَانَ جَبْرَئِيلُ بِالْآيَاتِ يُؤْنِسُنَا
فَقَدْ فُقِدْتَ وَ كُلُّ الْخَيْرِ مُحْتَجَبٌ
فَلَيْتَ قَبْلَكَ كَانَ الْمَوْتُ صَادَفَنَا
لَمَّا مَضَيْتَ وَ حَالَتْ دُونَكَ الْكُثُبُ[2]
ثُمَّ انْكَفَأَتْ ع وَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع يَتَوَقَّعُ رُجُوعَهَا إِلَيْهِ وَ يَتَطَلَّعُ طُلُوعَهَا عَلَيْهِ فَلَمَّا اسْتَقَرَّتْ بِهَا الدَّارُ قَالَتْ لِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ع يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ اشْتَمَلْتَ شَمْلَةَ الْجَنِينِ وَ قَعَدْتَ حُجْرَةَ الظَّنِينِ نَقَضْتَ قَادِمَةَ الْأَجْدَلِ[3] فَخَانَكَ رِيشُ الْأَعْزَلِ[4] هَذَا ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ يَبْتَزُّنِي نِحْلَةَ أَبِي وَ بُلْغَةَ[5] ابْنَيَّ لَقَدْ أَجْهَدَ[6] فِي خِصَامِي وَ أَلْفَيْتُهُ أَلَدَّ فِي كَلَامِي[7] حَتَّى حَبَسَتْنِي قَيْلَةٌ نَصْرَهَا وَ الْمُهَاجِرَةُ وَصْلَهَا وَ غَضَّتِ الْجَمَاعَةُ دُونِي طَرْفَهَا فَلَا دَافِعَ وَ لَا مَانِعَ خَرَجْتُ كَاظِمَةً وَ عُدْتُ رَاغِمَةً أَضْرَعْتَ خَدَّكَ[8] يَوْمَ أَضَعْتَ حَدَّكَ افْتَرَسْتَ الذِّئَابَ وَ افْتَرَشْتَ التُّرَابَ مَا كَفَفْتَ قَائِلًا وَ لَا أَغْنَيْتَ طَائِلًا[9] وَ لَا خِيَارَ لِي لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هُنَيْئَتِي وَ دُونَ ذِلَّتِي عَذِيرِي اللَّهُ مِنْهُ عَادِياً[10] وَ مِنْكَ حَامِياً وَيْلَاي فِي كُلِّ شَارِقٍ وَيْلَايَ فِي كُلِّ غَارِبٍ مَاتَ الْعَمَدُ وَ وَهَنَ الْعَضُدُ[11] شَكْوَايَ إِلَى أَبِي وَ عَدْوَايَ[12] إِلَى رَبِّي اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَ حَوْلًا وَ أَشَدُّ بَأْساً وَ تَنْكِيلًا فَقَالَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع لَا وَيْلَ لَكِ بَلِ الْوَيْلُ لِشَانِئِكِ[13] ثُمَّ نَهْنِهِي عَنْ وَجْدِكِ[14] يَا ابْنَةَ
[1] النجوى: السر.
[2] الكثب- بضمتين-: جمع الكثيب و هو: الرمل.
[3] قوادم الطير: مقادم ريشه و هي عشرة- و الأجدل: الصقر.
[4] الأعزل من الطير: ما لا يقدر على الطيران.
[5] يبتزني: يسلبني و البلغة ما يتبلّغ به من العيش.
[6] في بعض النسخ« أجهر».
[7] ألفيته: وجدته، و الألد: شديد الخصومة.
[8] ضرع: خضع و ذل.
[9] أي ما فعلت شيئا نافعا، و في بعض النسخ« و لا أغنيت باطلا»: أي كففته.
[10] العذير: النصير. و عاديا: متجاوزا.
[11] الوهن: الضعف في العمل أو الأمر أو البدن.
[12] العدوى: طلبك إلى وال لينتقم لك من عدوك.
[13] الشانئ: المبغض.
[14] أي: كفي عن حزنك و خففي من غضبك.