نام کتاب : دراسات تاريخيّة من القرآن الكريم نویسنده : محمد بيومي مهران جلد : 1 صفحه : 177
(ح)
قصة الذبيح والتضحية البشرية
عرفت بعض
مجتمعات الشرق الأدنى القديم نظام الضحايا البشرية التي كانت تقدم على مذابح
الآلهة وعند دفن الملوك ، وتدلنا حفائر «أور» السومرية على قدم تلك العادة ، إذ
كان الملوك يدفنون ومعهم حاشيتهم ووزرائهم ، ولا يبدو من هيئة جثمانهم أنهم ماتوا
على الرغم منهم ، فليس منهم من وجدت جثته وفيها أثر الذبح أو الخنق أو القتل أو
الضرب العنيف ، ولهذا يعتقد «سير ليونارد وولي» أنهم كانوا يتجرعون باختيارهم
عقارا ساما يخدرهم ويميتهم ، إيمانا منهم بالانتقال مع الملوك الأرباب إلى حالة في
السماء ، كحالتهم في الحياة الأرضية ، هذا وقد وجدت على بعض أختام الطين صور
آدميين يلبسون قناعا يشبه رأس الحيوان ، والمظنون أن هذا الذي كان مقدمة للذبح
الرمزي ، واجراء الشعائر مجرى التمثيل المقدس في الاحتفالات العامة ، ولا سيما
الاحتفال برأس السنة [١].
وتدلنا مقبرة «زفاحعبي»
ـ الحاكم المصري في كرمه بالسودان على أيام الأسرة الثانية عشرة (١٩٩١ ـ ١٧٨٦ ق.
م.) ـ على إتباع نفس العادة ، إذ ضحى باكثر من مائتي شخص من خدمه وأتباعه ، ثم
دفنوا في الممر المؤدي إلى قبره ، ولعل من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن هذه
العادة ربما كانت معروفة في مصر في عهد ما قبل الأسرات ، وربما في الأسرة الأولى
كذلك ، ولكنها انقرضت بعد ذلك [٢].
ولم يكن الأمر
مختلفا بالنسبة إلى الكنعانيين والفينيقيين ، فقد كانت
[١] عباس العقاد :
إبراهيم أبو الأنبياء ص ١٧٢ ، وأنظر وكذاL. woolley, ur of
the chaldees, EXCAVATIONS ATUR, ٣٦٩١ وكذا Hooke
,Origins of Early Semitic Ritual